نقد البحث السلبيات والإيجابيات
يعد النقد العلمي من الخطوات الضرورية والأساسية في إعداد الأبحاث العلمية، وتكمن أهميته في إبعاد الباحث عن العشوائية ودفعه للبحث عن التميز والإبداع والالتزام بقواعد كتابة البحث العلمي تفادياً لوجود أخطاء في بحثه تعرضه للنقد السلبي، مما يرفع مستوى القدرات والمهارات الأكاديمية للباحث ويؤهله لإعداد المزيد من الأبحاث العلمية، ويتضمن النقد العلمي نقد السلبيات لتفاديها في الأبحاث القادمة، ونقد الإيجابيات لتعزيزها والحث عليها لاعتمادها وتكرارها في الأبحاث القادمة.
مفهوم نقد البحث
نقد البحث يعتبر جزء منفصل عن البحث العلمي، والنقد العلمي يتطلب إتقان مهارة نقد الدراسات والأبحاث، ومهارة نقد الدراسة تعتمد بشكل كبير على امتلاك الخبرة الواسعة والاطلاع الموسع على المصادر والمراجع التي تتحدث بنفس موضوع البحث ومتغيراته.
وهنالك دراسات قائمة على أصول نقد البحث العلمي واكتشاف فجوات النقص والتقصير فيه للكشف عن مشكلة بحثية يوجه بها الباحث الدراسات البحثية وجهود البحث العلمي في المستقبل، ونقد البحث العلمي يكون في عدة معايير وأوجه للنقد، والنقد العلمي للدراسات لا يعني إبراز سلبيات ونقاط الضعف في الدراسة فقط كما يتصور للقارئ للوهلة الأولى، ووجهة النظر والمفهوم الشائع هذا ليس صحيح، والمفهوم الصحيح للنقد العلمي يتضمن تحليل الدراسة ومهارات الباحث في إعدادها وإبراز نقاط الضعف كما نقاط القوة والتميّز، ويشمل النقد جميع أجزاء الدراسة الرئيسية دون أي استثناء ليكون النقد مستوفياً شروطه الصحيحة.
والنقد العلمي هو دراسة الأعمال وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابه لها، والكشف عما فيها من جوانب القوة والضعف، والجمال والقبح، ثم الحكمُ عليها ببيان قيمتها ودرجتها، ويمكن اختصار هذا التعريف وصياغته في جملة واحدة هي: التمييز بين الجيّد والرديء.
تعرف على نقد رسالة علمية من هنا
أهمية نقد البحث
- يساعد النقد العلمي على عدم الارتجال أو العشوائية في العمل العلمي، بل يوجه صاحب العمل إلى الالتزام بالخطة العلمية والمنهج البحثي.
- يقوم النقد على انتفاء الرؤى الذاتية أو المتطرفة، لأن صاحب العمل يعلم مسبقاً أنه سيخضع لمعايير نقدية تحتاج إلى الموضوعية والوصول إلى نتائج علمية من خلال مقدمات واضحة وصحيحة.
- يوضح مستوى ونوعية الأطروحات العلمية، فالنقد في أساسه عملية فرز الجيد من الرديء.
- يحث الباحثين على الموضوعية والبعد عن الإغراق المتكلّف، أو التقعّر والتفلسف الأجوف.
- يحث الباحثين على الجدية في البحث العلمي والالتزام بالقواعد العلمية العامة الثابتة.
منهجية نقد البحث
تتعدد أوجه النقد العلمي للأعمال العلمية، بحسب المنهج المتبع في البحث، ومن أشهر مناهج النقد في البحث العلمي:
المنهج التاريخي:
ويدرس فيه الناقد المؤثرات التي أثّرت في العمل العلمي، كدراسة البيئة المحيطة والظروف الاجتماعية والثقافية والأحداث السابقة ثم المعاصرة والمصاحبة.
المنهج الاستدلالي أو الاستنباطي:
وفيه يربط العقل بين المقدمات والنتائج، وبين الأشياء وعللها، على أساس المنطق والتأمّل الذهني، فهو يبدأ بالكليات ليصل منها إلى الجزئيات.
المنهج الاستقرائي:
وهو يمثل عكس سابقه، حيث يبدأ بالجزئيات ليصل منها إلى قوانين عامة.
المنهج التجريبي:
وهو الذي يعتمد على التجربة كأساس العمل البحثي، بعيداً عن المقدمات المنطقية أو الظروف التاريخية أو الاستنباطات العقلية.
تعرف على مزيد من نقد الدراسات التربوية من هنا
شروط نقد البحث
- النقد للفكرة لا للأشخاص.
- مناقشة موضوع العمل، وهل هو مناسب أو غير مناسب؟ وهل سبق التطرُّق إليه في أعمال سابقة، وما الإضافة الجديدة في هذا العمل؟
- عنوان العمل، هل هو دال على المراد من العمل أو دال على معنى أكبر، وهل هو طويل أو مقتضب؟
- تسلسل العمل، هل هو طبيعي أو متكلّف؟ وهل المقدمات التي استخدمها الباحث تؤدي إلى النتائج التي توصل إليها؟
- توخي الحكم العادل المنصف على العمل، فالعدل يمثل حقاً فطرياً لكل فرد.
- مراعاة الظروف والملابسات المصاحبة للعمل، مثل الزمان والمكان والأحوال الاجتماعية والسياسية.
- الوضوح في النقد والشفافية، لا الضبابية والإيهام.
شروط الناقد العلمي
الموهبة النقدية:
هي قدرة يمنحها الله لبعض الناس، يستطيعون بها أن يفحصوا الأشياء فحصاً دقيقاً، فيكتشفوا عيوبها الخفيّة.
الأهلية والكفاءة:
ذلك من خلال مراعاة التخصّص.
الثقافة والخبرة:
ينبغي أن يكون الناقد ذا ثقافة واسعة متنوّعة ومتعدّدة في الميادين العلمية المختلفة.
العدالة والإنصاف:
لا بد للناقد أن يبتعد عن التحيّز والتعصب والمجاملة، وأن يحكم على عناصر العمل وفق الصفات التي تتصف بها حقيقته، وأن يعلل أحكامه، فيبين الأسباب التي جعلته يحكم بالجودة أو الرّداءة، وعليه أن يحترس من أن تدفعه عاطفته أو ميوله الشخصية أو العلميّة إلى الإطراء الكاذب أو بخس حق المجتهد.
تعرف على خطوات النقد العلمي من هنا
ضوابط نقد البحث
- الدقة في الحكم، وذلك ببيان الإيجابيات والسلبيات والموازنة بينهما، ثم صدور الحكم المناسب.
- النقد بالدليل؛ فالرد على أقوال الآخرين ونقدها لا يكون مزاجاً متبعاً، بل لا بد من الدليل العلمي واتباع المعايير النقدية.
- انتفاء التناقض، والكثير من يقع في هذا الخطأ، فهو إمّا لم يتبصّر رأي من ينتقده، أو أنه يخوض معركة شخصية.
- مراعاة قطعية النتائج ونسبيتها، فمن المسائل ما يعد من الاختلاف القابل للاجتهاد، ومنها أصول قطعية وأركان في الدين، فلا بد على الناقد أن يدري الفوارق.
- إحكام النقد، لدحر الشبهات والضلالات، وقد يوهن الحق لوهن النقد، فيزيد في تعمية الصواب.
آداب نقد البحث
الإخلاص:
بتوفر سلامة النية وحُسن القصد، والتمسّك بنُبل الغاية من النقد، وهو الإصلاح والبناء وليس الهدم.
نبذ التعصُّب ولو كان للحق، وترك ازدراء المخالف ولو كان مخطئاً.
الأمانة في الحكم:
بذكر ما له وما عليه، وفضائله ومساوئه.
التزام الأدب في النقد واختيار من الألفاظ أحسنها.
تجنّب نهج التحدي:
فالناقد يقتضيه الإخلاص إلى بيان الحق بالحسنى؛ قَبِلَه من قبِلَه، ورفضه من رفضه.
إيجابيات وأهداف نقد البحث
نقد البحث عملية علمية متكاملة، تهدف إلى تحقيق عدة أمور، أهمها:
- إصدار أحكام وقرارات موضوعيّة على الأعمال، وذلك من خلال ضوابط ومعايير النقد العلمي.
- تطوير وتوجيه قدرات المحكّمين والنقّاد، وإعطاؤهم خبرة نقدية عملية.
- تطوير قدرات الباحثين في مختلف الجوانب المنهجية والعلمية والشكلية والموضوعية، وذلك من خلال النقد البنّاء للأعمال العلمية.
- التخلص من مواطن الضعف والتجاوزات غير البناءة التي تعاني منها عملية البحث العلمي، فدراية الباحث بأبعاد تقويم بحثه من البداية تجعله يتلافى الأخطاء الشكلية والموضوعية والمنهجية والمطبعية واللغوية وغير ذلك، وتوافُر هذه الضوابط يجعل الباحثين يقومون بتقويم بحوثهم ذاتياً، وبالتالي تأتي الأعمال العلمية خالية من مواطن الضعف أو تكون قليلة ونادرة.
- تحقيق المساواة والعدالة والنزاهة، فضوابط ومعايير النقد العلمي أدوات موحدة معروفة لدى الباحثين والمحكمين، فتأتي الأحكام النقدية لتكون ميزاناً دقيقاً يحقق العدالة بين الباحثين.
- إفادة الباحثين من المعايير والضوابط المحددة في توجيه بحوثهم في المحتوى والمنهج، فتتحقق النتائج والأهداف المرجوة من البحث.
خاتمة
النقد العلمي قد يتحول إلى نقمة وفتنة أو نعمة ومنة، وعلى الناقد أن يختار أن يكون صاحب نعمة أو فتنة، فلا يمكن أن يكون هناك ناقد أدبي دون أن يمارس الكتابة، ولا يمكن أن يكون هناك ناقد رياضي دون أن يمارس الرياضة، ولا يمكن أن يكون هناك ناقد سينمائي دون أن يكون قد مارس الفن، ولا يمكن أن يكون هناك ناقد علمي دون أن يكون قد مارس إجراء التجارب في المختبر، فكيف للناقد أن يتفهم عقلية من ينقده دون أن يعيش همومه وتجربته؟
اقرأ ايضا
: للطلب أو للاستفسار قم بتواصل معنا
info@master-theses.com
