عينة الدراسة ، أو بمُسمَّى آخر “عينة البحث العلمي” (sample) عبارة عن جزء من مجتمع البحث الكلي (population research)، ويختارها الباحث بناءً على مجموعة من الاشتراطات أو المحددات؛ والعيِّنة قد تكون أشخاصًا حقيقيين (عناصر بشرية)، أو اعتباريين (جهة أو شركة أو هيئة.. إلخ)، وطريقة البحث بالعيِّنة إحدى الطرق المُتَّبعة منذ تدشين نظريات علم الإحصاء، والحاجة لذلك تتمثل في تجميع المعلومات والبيانات، ومن ثم التَّعرُّف على الخصائص والسمات والتوجهات، سواء في صورة رقمية (كمية)، أو غير رقمية (نوعية)، ويرتبط ذلك بالتحليل الإحصائي المنظم لتلك البيانات، سواء تم ذلك بصورة يدوية، أو عبر تطبيقات إلكترونية، مثل: spss، أو stata، أو e.viewer، أو sas، أو excel، وغيرها من البرامج الأخرى.
نشأة نظرية العيِّنة الإحصائية:
ظهرت نظرية العينة الإحصائية كما سبق وأن ذكرنا في الفقرة الأولى نتاجًا لعلم الإحصاء، وتطوره عبر مراحل زمنية مُتوالية،
ويُعَدُّ الخبراء العالم “ستيودنت” المُؤصِّل الأول لأسلوب الدراسة بالعيِّنة، وتبع ذلك تحديثات من جانب بعض العلماء،
مثل: “لابراس”، و”سيميو دي بلوسون”، و”بيروني”، وغيرهم.
ما الفائدة من اختيار الباحث عينة الدراسة ؟
توجد مجموعة من الفوائد التي يحصدها الباحث عند التعامل مع المجتمع البحثي من خلال عينة الدراسة ، ومن أبرزها ما يلي:
خفض التكلفة المالية والمجهود:
يسهم اختيار الباحث أو البحث عينة الدراسة في خفض التكلفة المالية فيما يتعلق بإجراء البحوث العلمية،
وكذا المجهود البدني المبذول في تفصيل الدراسات العلمية، وبما يساعد على إنجاز البحث العلمي في الوقت المحدد لذلك.
التركيز في جوانب المشكلة:
إن التعمُّق والتشعُّب في دراسة موضوع أو مشكلة علمية معينة، قد يسبب إرباك للباحث، ومن ثم تشتُّته في كثير من الاتجاهات،
ويساعد اختيار الباحث لعينة الدراسة في تجنُّب ذلك، ومن ثم الفحص والتمحيص بالنسبة لأفراد حقيقية أو اعتبارية،
وينتج عن ذلك دقة النتائج.
عدم القدرة على تناول المجتمع البحثي بأكمله:
هناك بعض الأنواع من الدراسات المسحية، مثل: الدراسات الاجتماعية، أو دراسات الرأي العام، والتي ينتهج فيها الباحث إجراءات المنهج الوصفي،
وتلك البحوث تتَّسم بكبر مجتمع الدراسة، وقد تصل المفردات للملايين، وفي هذه الحالة يمثل انتهاج الباحث لطريقة عينة الدراسة طوق نجاة.
ما العوامل التي تؤثر في اختيار حجم عينة الدراسة ؟
يخضع حجم العينة التي يختارها الباحث لعديد من العوامل، وسنبرزها فيما يلي:
حجم المجتمع الكلي للدراسة:
في حالة وجود عدد كبير من المفردات التي تمثل مجتمع البحث، فمن المفضل اختيار عيِّنة كبيرة لتعبر عن المجتمع البحثي.
الحاجة لدقة الاستنتاجات البحثية:
في حالة رغبة الباحث أو الباحثة في الحصول على نتائج دقيقة، ومبرهنة بما فيه الكفاية، فينبغي أن يختار الباحث عيِّنة كبيرة الحجم.
الحاجة لتعميم نتائج البحث:
في حالة كون الدراسة تنصبُّ على تعميم النتائج التي يتم التوصل إليها الباحث، فإن ذلك يستلزم اختيار عيِّنة كبيرة نوعًا ما.
التباين في سمات مجتمع البحث الكلي:
كلما كان هناك تجانس بين المفردات التي تكون مجتمع البحث، كان ذلك من دواعي اختيار عيِّنة صغيرة الحجم، وفي حالة قصور التجانس، فمن الفضل اختيار عيِّنة كبيرة.
كيف يمكن أن يتأكد الباحث من أن عينة البحث متجانسة؟
التجانس يعني أن تتوافر الصفات التي يفتش عنها الباحث في جميع مفردات العينة، وبناءً على ذلك يطمئن لاختيار العينة،
وبما يسمح بالاعتماد عليها لإجراء عملية التعميم، ولكي يتأكد الباحث من توافر التجانس بين المفردات؛
فإن هناك وسيلتين إحصائيتين في ذلك، وهما:
طريقة النزعة المركزية:
وفي هذه الطريقة يستخدم الباحث مقاييس النزعة المركزية، مثل الانحراف المعياري والمتوسط الحسابي، ويقارن بين نتاج المقياسين، وفي حالة وجود نتيجة متقاربة فإن العيِّنة ستمثل مجتمع البحث.
طريقة التوزيع الطبيعي:
في حالة كون التوزيع الطبيعي لعيِّنة الدراسة طبيعيًّا فيستشف الباحث من ذلك كون العيِّنة متجانسة وتمثل المجتمع الكلي، والعكس صحيح، وعلى سبيل المثال في حالة دراسة الباحث لمتوسط أعمار في منطقة معينة بين سن 60-70 فإن الأغلبية سيقعون في ذلك النطاق، والنسبة الأقل ستكون أدنى من ذلك السن أو أعلى، وسيتخذ المُنحنى الطبيعي شكل الجرس.
ما أهم أدوات البحث العلمي المستخدمة في جمع البيانات من عينة الدراسة ؟
من أهم أدوات البحث العلمي التي يمكن أن يستخدمها الباحث في تجميع البيانات من العينة البحثية ما يلي:
الاستبيان:
والاستبيان له من الشُّهرة ما يفوق مختلف أدوات البحث العلمي الأخرى،
وهو عبارة عن نموذج يصوغ فيه الباحث مجموعة من الأسئلة المحددة بإجابات (استبيان مغلق) أو مفتوحة دون تحديد للإجابات (استبيان مفتوح)،
أو قد يجمع الباحث بين نوعي الأسئلة، سواء المحددة، أو غير المحددة (استبيان مغلق – مفتوح)،
ويتطلب ذلك إجراء تجربة أو اختبار قبل قيام الباحث بعملية طرح نماذج الاستبيان النهائية،
والهدف هو التأكد من جودتها فيما يتعلق بجمع البيانات التي يرغب الباحث في الحصول عليها.
الاختبارات:
وتتيح الاختبارات للباحثين قياس سمات وتوجهات عيِّنة الدراسة، ويستخدم الباحث كثيرًا من المثيرات، وتتم الاختبارات بصورة شفوية أو تحريرية.
وهي عبارة عن حوار يُدار من جانب الباحث أو الباحثة والمُستجيبين، من خلال الاستماع وتسجيل الإجابات،
وتُتيح تلك الطريقة للباحث التَّعرُّف على انطباعات المفحوصين، وقد يوجه الباحث أسئلة مفتوحة أو مغلقة، أو الاثنين حسب الحاجة.
بطاقة الملاحظة:
وهي عبارة عن بطاقة تتضمن الخصائص التي يرغب الباحث في جمع المعلومات عنها،
ويستخدم الباحث في ذلك مجموعة الحواس الشخصية الطبيعية مثل اللمس والسمع والبصر،
وهناك كثير من تصنيفات الملاحظة، ومن أبرزها الملاحظة البسيطة والمنظمة.
ما طرق اختيار عينة الدراسة ؟
يمكن اختيار عينة الدراسة بأكثر من طريقة، وسنوضح ذلك فيما يلي:
العيِّنة الاحتمالية (العشوائية):
ولجميع مفردات المجتمع البحثي الفرصة في الظهور ضمن مفردات العيِّنة، ويوجد أكثر من صنف لذلك النوع من عيِّنات الدراسة:
العيِّنة العشوائية البسيطة:
ويُستخدم في هذه الطريقة النظام المتعارف عليه، حيث يقوم الباحث بتجميع كافة المفردات بعد أن يكتبها في أوراق ثم يطويها، ويختار العيِّنة.
العيِّنة العشوائية المنتظمة:
ويمكن تطبيق تلك الطريقة في حالة وجود تجانس بين المفردات من حيث الخصائص، وعلى سبيل المثال في حالة وجود عيِّنة مكونة من 10 أفراد لمجتمع بحثي يتألف من 80 فردًا،
فيكون الاختيار بمسافات منتظمة، والمسافة عبارة عن 80/10 = 8، ومن ثم يتم اختيار الأرقام، 8، 16، 24، 32، وهكذا.
العيِّنة العشوائية الطبقية:
ويعتمد ذلك النوع من العيِّنات على تقسيم العيِّنة لفئات (طبقات)، والتَّعرُّف على نسب وجود تلك الفئات، وبناءً على ذلك يختار الباحث وفقًا لكل نسبة.
العيِّنة العشوائية العنقودية:
وفيها يقوم الباحث بتحديد عيِّنة على أكثر من مرحلة، ففي البداية يتم تقسيم المجتمع الأصلي،
وبعد ذلك اختيار عدَّة شرائح بأسلوب عشوائي، ثم التقسيم لجُزئيات، وبعد ذلك اختيار العيِّنة من الجُزئيات.
العيِّنة غير الاحتمالية (غير العشوائية):
ويلجأ الباحث لذلك النوع من العيِّنات في حالة وجود صعوبة في تحديد مجتمع الدراسة الأصلي، ومن يختار إحدى الطرق التالية:
- العيِّنة الحصصية: وتلك العيِّنة يقسم الباحث المجتمع إلى شرائح، ثم يختار العدد الذي تتطلبه الدراسة من كل شريحة، وبطريقة حرة.
- العيِّنة المُلائمة: وفي ذلك يختار الباحث المبحوثين الذين يوافقون على إجراءات البحث دون وجود تحديد مُسبق.
- العيِّنة الهدفية: حيث يختار الباحث أفراد العيِّنة بطريقة حرة، وذلك في حالة توافر البيانات التي يرغب الباحث في جمعها منهم.
اقرأ أيضاً: