خطوات البحث العلمي بالتفصيل
يعد البحث العلمي جزءاً أساسياً في عملية التطوّر حول العالم، حيث تعتمد المؤسّسات على نتائج البحوث العلمية لتدعيم وتطوير إنتاجها، ومن أبرز المؤسسات الداعمة للبحث العلمي نجد الجامعات والمعاهد الدراسية، التي تشترط على طلابها إجراء بحوث علمية للحصول على الشهادة المطلوبة، خاصةً في مراحل الدراسات العليا.
إنّ إعداد بحث علمي مترابط ومتماسك يجيب على الكثير من التساؤلات المطروحة ويضيف محاور علمية جديدة في كافة المستويات والتخصصات الدراسية، وهناك العديد من أنواع الأبحاث، منها القصيرة التي تلائم مادة بعينها أو طويلة متقدمة كرسائل الماجستير والدكتوراه، لذا لا بد من امتلاك مهارة الإعداد الجيد للبحث العلمي بشكل دقيق ومتسق بما يتوافق مع منهجيات البحث العلمي، وسنسرد في هذا المقال الخطوات التفصيلية لإعداد بحث علمي قوي ومترابط.
تعريف البحث العلمي :
يُعرف البحث العلمي بأنه عملية منظمة يقوم بها فرد أو مؤسسة بهدف الوصول إلى حلول متعلّقة بمشكلة محددة، أو تقديم إجابات على تساؤلات قد ينتج عنها التعرف إلى معلومات جديدة، واكتشاف ما هو جديد يسهم في التقدم والتطور، وتقوم عملية البحث العلمي على مراحل محددة يجب على الباحث اتباعها بالترتيب.
المرحلة الأولى: ما قبل البحث العلمي :
هناك العديد من الخطوات التمهيدية التي تسبق الإعداد الفعلي للبحث، وهي لا تقل أهمية عن البحث نفسه، وأهم هذه الخطوات:
-
اختيار موضوع البحث:
يجب اختيار موضوع للبحث جدير بالمناقشة، لذا عليك أن تطرح الأسئلة الهامة التي تبحث عنها في مجالك الدراسي وأن تكون مهتماً بالإجابة على هذه التساؤلات.
-
مراجعة الأدبيات:
إذا أردت أن تضيف الجديد عليك مراجعة ما تم مناقشته من قبل حول موضوعك، وهذا يجعل لموضوع بحثك قيمة مضافة في المادة البحثية، وتساعدك هذه
الخطوة في تحديد الإطار المرجعي أو النظري الذي ستعتمد عليه بعد اطلاعك على كل هذه المصادر، بالإضافة الى التحديد الدقيق لإشكالية البحث.
-
تحديد مشكلة البحث:
مشكلة البحث هي الموضوع وما يحتويه من غموض أو ظاهرة ما تحتاج إلى تفسير أو قضية خلاف أو سؤال يحتاج إجابة، ومعنى تحديد مشكلة البحث هو صياغة المشكلة في عبارات واضحة ومفهومة ومحددة تعبر عن المضمون.
-
تدوين مصادر المعلومات الأساسية:
في هذه المرحلة يقوم الباحث بتدوين الملاحظات، هذه المعلومات سيستخدمها فيما بعد ضمن بحثه، مع تدوين مصادرها، من أي كتاب أو مرجع أو مقالة، وتحديد اسم المؤلف وعنوان الكتاب أو المقال والصفحة والناشر وبيانات النشر وسنة النشر، وهذا سيكون له أهميته عند عمل البيوغرافيا النهائية للبحث.
-
تجميع وتنظيم الأفكار:
بعد تجميع ما يكفي من المعلومات حول موضوع البحث، يتم ترتيب البحث حسب تسلسل الأفكار الرئيسية، في هذه المرحلة يصبح الباحث ملمّاً نوعاً ما بنواحي موضوعه، ويمكن أن يضع خطة أو هيكلاً عاماً مؤقتاً لبحثه، بحيث يراعي الترتيب المنطقي المتسلسل والترابط بين أجزائه، وتكون هذه الخطة خاضعة للتعديل من حذف وإضافة فيما بعد، ثم يبدأ بكتابة البحث بروية ودقة كمسودة أولى، وذلك وفق الخطة الموضوعة.
المرحلة الثانية: أثناء كتابة البحث العلمي :
-
اختيار عنوان البحث:
يعد اختيار عنوان بحث مناسب ومعبّر عن الموضوع من الأمور الهامة للغاية عند تقييم مدى جودة البحث العلمي
لذا عليك أن تراجع جيداً مشكلة بحثك، وتتأكد أن العنوان يشمل مشكلته الأساسية والفرعية، فالعنوان الجيد يغني البحث ويكون جزءاً منه وليس زيادة عليه.
-
مقدمة البحث أو التمهيد:
لابد أن يشتمل البحث على تمهيد للموضوع لتوضيح مدى أهميته، حيث يتم الإشارة إلى الفكرة الرئيسية وأهدافها ومنهجها وعيّناتها.
-
توضيح وعرض مشكلة البحث:
يجب على الباحث أن يساعد القارئ في فهم ما الذي سيجده من حل أو إضافة أو موضوع جديد ضمن البحث
وذلك من خلال الإشارة إلى مشكلة البحث التي يحاول الباحث حلّها في بحثه، وذلك باستخدام لغة علمية سليمة وقوية، فالوضوح العلمي يعد من سمات البحث الناجح المؤثر والذي يدوم طويلاً.
-
أسئلة البحث:
ترتبط الأسئلة في البحث العلمي ارتباط كمي وكيفي بمشكلة البحث، لذا يجب أن تغطى أسئلة البحث كل الأسئلة الكبيرة والصغيرة في البحث، ويجب أن يُعبر
عنها بدّقة مع الإشارة إلى ارتباطها بمشكلة الدراسة وأبعادها الكمية والكيفية وتأثيراتها وما يؤثر فيها.
-
أهداف البحث:
أهداف البحث العلمي هي الغايات الأساسية الدافعة للباحث كي يعمل على حل مشكلة البحث موضوع الرسالة، ويعمل الباحث العلمي أثناء كتابة البحث على تفنيد أهداف بحثه العلمي بطريقة علمية ممنهجة، ولابد أن تكون الأهداف قابلة للتحقيق والتنفيذ على أرض الواقع، كما يجب أن يأتي الباحث بنتائج مختلفة عن
الدراسات السابقة التي ناقشت الموضوع.
-
أهمية البحث:
أهمية الرسالة العلمية توضّح جوانب النفع والتطبيق من البحث ككل، مع الإشارة إلى احتياج المجتمع العلمي والباحثين لمثل هذه الرسالة
وهنا يمكن الإشارة إلى أهمية الإجابة على التساؤلات التي هي محل البحث والتي يسعى الباحث للإجابة عنها، فمن خلال الإجابة عليها يتجلى للباحث
أهمية بحثه، وكلما كانت الرسالة العلمية تتصل بجوانب حياتية واجتماعية وعلمية مختلفة كلما زادت أهميتها وزاد استخدامها والاقتباس منها في الابحاث العلمية الأخرى المتعلقة بنفس المشكلة أو نفس التخصص العلمي.
-
تحديد منهجية الدراسة:
منهجية البحث هو المنهج العلمي الأكثر ملائمة وتوافقاً مع مشكلة البحث، حيث يختار الباحث واحداً من مناهج البحث العلمي، فالمنهج العلمي يحدد المسار العلمي للبحث وطريقة تحديد المشكلة ونتائجها وأدوات الدراسة المستخدمة، كما أن اختيار المنهج العلمي يؤثر على اختيار العينات وتحديد الفرضيات العلمية.
-
أدوات الدراسة:
اختيار أدوات الدراسة في البحث العلمي من الخطوات التي تتحدد بناءً على منهجية البحث العلمي، لذا يحرص الباحث العلمي على اختيار أدوات بحث مناسبة ليتمكن من اختيارها واختبارها وقياس جودتها، وتتنوع أدوات الدراسة بتنوع المنهج والعينة ونوع وتخصص البحث والقائمين على إعداده وكتابته.
-
هي الخطوط العريضة التي سوف يلتزم بها الباحث خلال بحثه، والتي سيناقشها مع الأساتذة والمشرفين على البحث
وبناءً عليها يشرع الباحث في العمل على كتابة البحث.
-
المراجع:
هي المصادر التي ساعدت الباحث في الوصول للنتائج، وهي تعكس جودة البحث حسب قوتها وصلاحيتها، لذا يجب أن يحرص الباحث على كتابة المراجع وفق ضوابط محددة، ويجب أن تشتمل هذه المصادر على الكتب والمقالات وأية مصادر أخرى استخدمها الباحث عند كتابة بحثه، وقائمة الجداول إذا تضمن البحث جداول إحصائية والملاحق التي تشمل الاستبيانات والوثائق الهامة.
-
التعديل والتنقيح والتصحيح:
يجب مراجعة البحث وتدقيقه على أربع مراحل أو مستويات أساسية وهذه المراحل هي:
مستوى التنظيم العام:
تشمل التأكّد من تناسق جميع أجزاء البحث وترابطها معاً ابتداءً من المقدمة ومروراً بمشكلة البحث ومحتواه، وصولاً إلى الخاتمة.
مستوى الفقرات:
تشمل الأفكار الرئيسية في كل جملة، وترابط الأفكار معاً في الفقرة الواحدة
وذكر التفاصيل المناسبة لتوضيح أفكار معيّنة واستخدام أدوات الربط للتنقل بين الفقرات بسلاسة.
مستوى الجمل:
تشمل بنية الجملة واختيار الكلمات السليمة وعلامات الترقيم وتصحيح الأخطاء المطبعية واللغوية والنحوية وغيرها.
مستوى التوثيق:
تشمل التأكّد من توثيق جميع المراجع المستخدمة بشكل صحيح حسب النظام الذي تمّ اعتماده، وحسن استخدام ملاحظات الحواشي والهوامش ودقتها.
خاتمة :
في نهاية هذا المقال لا بد أن نؤكد على مسؤوليتك كباحث في أن تقوم بقراءة البحث عدّة مرّات
بحيث تهدف في كلّ مرّة للتركيز على جانب من جوانب التدقيق المذكورة أعلاه، فتتمكّن بذلك من تجنّب أكبر قدر ممكن من الأخطاء في البحث.
وسنتوصل في النهاية إلى نتيجة مفادها أن تلك المهمّة المستحيلة في كتابة البحث، لم تعد مستحيلة أبداً
فبعد تقسيمها إلى خطوات صغيرة منظّمة، وإتمام كلّ خطوة إلى النهاية قبل الانتقال إلى الخطوة التالية ستصبح العملية أكثر سهولة وأكثر قابلية للتحقيق.
اقرأ ايضا
خطة البحث الجامعي وعناصرها
كيفية عمل بحث مدرسي بطريقة سهلة
مقدمة حول البحث العلمي
خطوات ومراحل البحث العلمي