خاتمة البحث العلمي

إن خاتمة البحث العلمي هي الخطوة التي تشير الى انهاء الباحث العلمي عمله البحثي الأكاديمي، والتي يجب أن يتم

الاهتمام بها بشكل كبير ليخرج القارئ بانطباع نهائي مميز عن الدراسة التي اطلع عليها.

إن إهمال كتابة الخاتمة بالشكل الأمثل، وعدم احتوائها على العناصر الأساسية، يؤثر على جودة الخاتمة، التي تؤثر بدورها

على جودة البحث أو الرسالة العلمية بالكامل.

وبذلك نجد أنه على الباحث العلمي أن يهتم بشكل كبير بكتابة خاتمة مميزة لدراسته البحثية، وأن يحرص على صياغتها

بشكل مميز وسليم بعيد عن الاستعجال والعشوائية، بالشكل الذي يقدّم إضافة ودفعة الى الامام لنجاح البحث العلمي وحصوله على أعلى التقييمات.

حيث أن تقييم البحث العلمي يشمل تقييم لجميع العناصر الرئيسية للبحث ومنها الخاتمة التي تظهر قيمة الدراسة، ومدى 

تمكّن الباحث العلمي من دراسته، كما توضح اللغة القوية التي يمتلكها الباحث وإمكانية تسخيرها في خدمة البحث العلمي.

دون تجاهل أن الخاتمة هي التي تترك الانطباع النهائي عن البحث لدى القارئ.

ونظراً لما تحمله خاتمة البحث العلمي من أهمية، فإننا سنسعى من خلال هذا المقال الى الاطلاع على أبرز المعلومات عنها

وعن كيفية كتابتها بالشكل الأمثل، وما هي عناصر الخاتمة في البحث العلمي.

 

مفهوم الخاتمة في البحث العلمي.

إن الخاتمة هي العنصر الذي يشير إلى انتهاء البحث العلمي، والذي يحاول الباحث العلمي من خلاله أن يعطي لمحة

سريعة ومختصرة عن النتائج التي وصل إليها، وأهمية هذه النتائج ودورها في التقدم العلمي وتطور المجتمعات ورفاهية الأفراد.

فالخاتمة من الأدلة الواضحة التي تدل على قيمة الدراسة العلمية، وهي تعكس بشكل دقيق المستوى الحقيقي للباحث العلمي ومدى تمكنه من دراسته والمادة العلمية التي قام بعرضها على القراء.

كما أنها العنصر الذي يترك لدى القارئ الانطباع النهائي عن فكر وأسلوب وتنظيم وصياغة وجودة الدراسة العلمية عموماً.

وبذلك يمكننا القول بأن خاتمة البحث العلمي هي الإعلان عن أن الباحث قد أنهى كافة المراحل والخطوات في بحثه أو رسالته العلمية.

والصياغة يفترض أن تتم بشكل مثالي يضم جميع عناصر الخاتمة في البحث العلمي، وأن لا يتم الاستعجال في كتابتها، بل أن يتم بهدوء وتنظيم وترتيب، على اعتبار أن العشوائية والاستعجال من أكثر الأمور التي تؤذي الدراسات العلمية.

وهنا نشير الى أن توصيات الباحث العلمي قد تأتي كعنصر مستقل في البحث، كما أن الباحث قد يضمها الى قسم الخاتمة لتكون من عناصر الخاتمة في البحث العلمي.

 

عناصر خاتمة البحث العلمي.

نظراً لأننا نجد أن العديد من الطلاب لا يدركون أهمية الخاتمة في الدراسات العلمية، ويتعاملون معها كعنصر

هامشي غير رئيسي مما يؤثر سلباً على جودة البحث، فإننا نؤكد ضرورة الاهتمام بها، والحرص على أن تحتوي على مختلف عناصر خاتمة البحث العلمي، ومن أبرز هذه العناصر:

 

• جملة الخاتمة الافتتاحية أو الاستهلالية.

ويقصد بها العبارة التي يستخدمها الباحث العلمي في افتتاح واستهلال خاتمته، والتي يستخدم فيها عادة ما يدل

على ان البحث قد وصل الى مرحلته النهائية، ومن الجمل التي يمكن استخدامها نذكر:

(ومع وصول البحث الى نهايته…، ومع انتهاء الدراسة البحثية التي تناولت..، وفي ختام الرسالة العلمية..، ومع نهاية رحلة بحثية هامة..)، كما يوجد العديد من العبارات الأخرى التي يمكن استخدامها باستهلال الخاتمة بالبحث العلمي.

 

• العرض المختصر لمشكلة البحث أو الرسالة العلمية.

على الباحث العلمي أن يشير في الخاتمة التي يقوم بصياغتها إلى المشكلة أو الظاهرة البحثية، التي تمحور

حولها البحث، وتوضيح هدف الدراسة وأهميتها، والفائدة التي سيحققها العلم والمجتمع كنتيجة لهذا الدراسة المميزة.

 

• توضيح الجهود المبذولة من الباحث والعقبات التي تخطاها.

من أبرز عناصر البحث العلمي التي لا يجب التغافل عنها، توضيح الباحث العلمي للجهود التي قام بها في بحثه

العلمي، وما قام بمطالعته من دراسات سابقة ساهمت بالوصول الى النتائج المنطقية العلمية السليمة.

مع ضرورة توضيح الباحث العلمي لما اعترض طريقه البحثي من عقبات، وكيف تعامل معها، وما هي الوسائل

والأساليب التي ساعدته على تخطي العقبات والوصول الى نهاية المشوار البحثي الذي يحقق جميع أهداف الدراسة العلمية.

 

• التوصيات والاستنتاجات.

كما ذكرنا فإن توصيات الباحث العلمي قد ترد في قسم مستقل كما يمكن أن ترد في قسم الخاتمة، ولكن في حال

كانت التوصيات موسعة ومطولة فيفترض أن تكون في قسم مستقل، لأن الاختصار والإيجاز سمة أساسية في خاتمة أي بحث علمي ناجح.

ومن خلال التوصيات يتم حث الباحثين على إجراء الدراسات التي تساهم في تطور التخصص العلمي، وقد يعرض الباحث العلمي رأيه حول موضوع البحث العلمي، وربما ينصح باستمرار البحث في دراسة أخرى من المكان الذي وصل إليه البحث الحالي.

 كما انه قد يلقي الضوء على موضوع مرّ بشكل سريع في الدراسة ولكنه أصيل ومهم ويمكن ان يشكّل موضوع مميز لبحث علمي جديد. 

 

• العبارة الختامية للخاتمة.

من الأفضل أن تأتي نهاية خاتمة البحث العلمي من خلال إحدى العبارات القوية التي لها طابع ديني أو طابع تربوي، وغيرها من العبارات القوية التي توضح انتهاء العنصر الأخير من البحث أو الرسالة العلمية.

ومن الأمثلة على العبارات الختامية نذكر: (نسأل الله العزيز الكريم التوفيق في أن يكون البحث العلمي قد قدّم الجديد الى..)

 

صفات خاتمة البحث العلمي الجيدة.

هناك العديد من الصفات التي تحملها الخاتمة المميزة للبحث العلمي، ومن أبرز هذه الصفات يمكن أن نذكر:

1. إن الإيجاز والاختصار هو الصفة الأساسية للخاتمة التي لا يمكن تجاوزها، فالخاتمة المطولة هي خاتمة غير مقبولة وتسيء إلى البحث بالكامل.

 

2. على الباحث العلمي أن يشير في خاتمة دراسته إلى مشكلة دراسته ومباحثها الرئيسية، والاهم ان يشير الى ما وصلت إليه الدراسة من نتائج وحلول، مع الإشارة إلى أهمية هذه النتائج والفوائد التي تحققها للتخصص الذي تنتمي إليه والمجتمع على العموم.

 

3. إن خاتمة البحث العلمي كما تتشابه مع المقدمة من جهة الإيجاز والاختصار، فإنها تتشابه معها بأنها تستخدم

اللغة البسيطة و الواضحة والمفهومة، مع استخدام اللغة المترابطة والقوية والمتناسقة.

 

4. إن العبارة الاستهلالية التي تشير الى أن البحث في فقراته الأخيرة ومحطته النهائية، يمكن اعتبارها من مواصفات الخاتمة

في البحث العلمي، ومن هذه العبارات (بختام الدراسة التي تناولت..، ومع انتهاء العمل البحثي..).

 

5. قد يتناول الباحث العلمي عند صياغة الخاتمة منهج أو مناهج البحث التي استخدمت في الدراسة الحالية، ويشير الى دور هذه المناهج بالوصول إلى النتائج الدقيقة والسليمة.

 

6. يقوم الباحث العلمي بوضع توصيات تتضمن رأيه الخاص بمشكلة البحث العلمي الحالي، وقد ينصح بإكمال المشوار

البحثي من النقطة التي وصل إليها البحث الحالي، وذلك من خلال بحث مستقل أصيل آخر.

كما أنه قد يلقي الضوء على مشكلة تناولتها الدراسة الحالية بإيجاز، وهي تحتاج الى توسع في دراستها، فينصح الباحثين الآخرين بإجراء بحث يتناولها.

علماً أن توصيات الباحث العلمي وكما ذكرنا في فقرة سابقة، يمكن أن تأتي بقسم مستقل في البحث العلمي، كما يمكن أن تأتي ضمن عنصر الخاتمة، على أن تكون في هذه الحالة توصيات مختصرة، كي لا تخل بصفة الاختصار للخاتمة.

 

من أبرز هذه الصفات، نذكر ايضاً: كيفية كتابة خاتمة البحث : النتائج و المقترحات

 

7. هناك ملاحظة في غاية الأهمية على الباحث العلمي الالتزام بها في دراسته البحثية، وهي أن لا يذكر أو يشير

في الخاتمة الى أي موضوع لم تتناوله الدراسة في متنها.

لأنه في ذلك الوقت محتاج لتفسير هذا الأمر والاستفاضة في شرحه، وهو ما يتناقض مع أهم سمات خاتمة البحث العلمي وهي الاختصار.

 

8. من العناصر الأساسية الواجب الإشارة إليها في الخاتمة هي العقبات والصعوبات التي تعرض لها الباحث

أثناء دراسته البحثية، مع توضيح كيفية تخطي هذه الصعوبات وتجاوزها.

 

9.  إن الخاتمة كما جميع فقرات البحث العلمي لا يفترض أن تحمل أية أخطاء نحوية أو املائية أو لغوية، وهو ما يجب الحرص عليه بشكل كامل.

 

10. إن أخلاقيات البحث العلمي من الأمور التي يجب أن يتحلى بها الباحث في كامل مشواره البحثي، وفي الخاتمة

يمكن إظهار هذه الأخلاقيات من خلال شكر المساهمين في الدراسة ونجاحها، وبصورة خاصة أفراد عينة الدراسة في

حال كان الباحث قد جمع معلومات بحثه بشكل مباشر من العينة الدراسية.

 

11. للوصول الى إنهاء مميز للبحث العلمي يفترض استخدام إحدى الآيات القرآنية، أو الأحاديث الشريفة، او العبارات والجمل القوية التي لها طابع تربوي، لإنهاء البحث العلمي في جملة الأخيرة.

 

اقرأ ايضاً:

 

حجم الخاتمة في البحث العلمي.

إن الخاتمة لأي بحث علمي وبغض النظر عن نوعها فهي يفترض أن تتسم باختصارها، وهي في معظم الأحيان

تتراوح بين صفحة الى صفحتين، وحجم خاتمة البحث العلمي له العديد من الاعتبارات من أبرزها:

إن مستوى البحث العلمي له دور كبير على حجم الخاتمة فهي بالمراحل الدراسية قبل الجامعة قصيرة ومحدودة وبسيطة للغاية، وبالخصوص أنها لا تحتوي العناصر التي ذكرناها في الخاتمة.

أما الطلاب بالمرحلة الجامعية فهي تكون ناضجة بشكل أكبر، وتحتاج الى التزام بمختلف الخطوات الاكاديمية، ومنها الالتزام بعناصر الخاتمة، وهي تكون بين الصفحة الى صفحة ونصف.

وفي رسائل الماجستير أو الدكتوراه يصل حجم الخاتمة إلى الأربع صفحات وربما خمس صفحات في بعض الأحيان، فهذه البحوث من أعلى الدراسات الأكاديمية.

 

أنواع الخاتمة في البحث العلمي.

إن المنهجية والموضوع الدراسي له دور في تحديد نوع خاتمة البحث العلمي، والتي يمكن تصنيفها ضمن ثلاثة أنواع رئيسية هي:

 

• الخاتمة المختصرة.

 إن النوع الأكثر استخداماً في خاتمات البحث العلمي هي الخاتمة الموجزة أو المختصرة، والتي تعطي لمحة سريعة ولكنها واضحة وشاملة عن نقاط البحث الرئيسية.

وهو نوع يستخدم بشكل أساسي في الدراسات التي تسعى الى إيجاد حلول لمشاكل بحثية، أو الدراسات الاستنتاجية، أو البحوث الجدلية، أو المقالات الاقناعية، أو غيرها من موضوعات تاريخية أو علمية.

 

• الخاتمة التحريرية.

يسعى الباحث الذي يعتمد على هذا النوع أن يقدم التعليقات الختامية والأفكار والعمل على ربطها مع الدراسة بشكل كامل.

تستخدم الخاتمات التحريرية في الدراسات التي تقوم بتقديم الآراء، كالدراسات الانسانية والاجتماعية، كما أن استخدام الخاتمة التحريرية يشعر القارئ بتوجهات الباحث الشخصية.

 

• الخاتمة الخارجية.

إن الخاتمة الخارجية لا تخرج عن النقاط والأفكار التي طرحها الباحث العلمي في دراسته، ولكنه يعمل على طرحها بأسلوب وطرق جديدة.

وهذا الأسلوب الجديد بالطرح يزيد من فعالية الدراسة عموماً والخاتمة بشكل خاص، وبالخصوص أن القارئ يدخل فيها الى اتجاهات جديدة مرتبطة بالموضوع البحثي.

 

الأخطاء الشائعة في كتابة خاتمة البحث العلمي.

1. الإسهاب والتكرار والحشو، وهذا ما يفقد الخاتمة سمتها الأساسية وهي الاختصار والإيجاز.

 

2. وضع أفكار جديدة أو تقديم حجج ومعلومات لم تذكر سابقاً في الدراسة قيد البحث، فالخاتمة ترتبط بما تمّ ذكره في

البحث العلمي، ولا تطرح معلومات جديدة تحتاج الى شرح، لأن ذلك يلغي الصفة المختصرة للبحث العلمي.

 

3. تغيير النسق المتبع في الدراسة البحثية، فالخاتمة من عناصر البحث العلمي الذي يكتب بنسق الكتابة الأكاديمية، وبالتالي فإن

التوجه الى الأسلوب العاطفي أو الأدبي أو الشخصي في كتابة الخاتمة هو من الأخطاء الشائعة التي يقع بها العديد من الطلاب والباحثين العلميين. 

 

4. على الباحث العلمي استخدام الأسلوب العلمي، ولا يفترض أن يظهر مخاوفه من النتائج التي وصل إليها، كأن يذكر بأنه وفق

رأيه الشخصي يعتقد أنه وصل الى نتائج دقيقة، أو أن يظهر عدم تأكده من نتائج الدراسة العلمية.

 

5. على الباحث العلمي في كتابة الخاتمة كما في كتابة جميع عناصر البحث العلمي، أن لا يستخدم صيغة المتكلم مثل:

(نحن، أنا، أعتقد، نرى، نظن) وغيرها من كلمات مشابهة. 

 

مثال عن خاتمة بحث علمي.

لقد أظهرت الأزمات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا ضرورة اتخاذ الكثير من التدابير في مختلف المجالات.

وبناءً على ذلك فقد كان للجامعات في المملكة العربية السعودية دور بغاية الأهمية لمواجهة انتشار الفيروس، وذلك عبر اطلاق الخطط الطارئة المناسبة التي تمّ الاعتماد عليها، مع إيجاد خطط بديلة جاهزة في حال تفاقم الوضع وبات أكثر سوءاً.

تتنوع الخطط الموضوعة فمنها ما يرتبط بالبيئة التعليمية والأمور اللوجستية، مع الاعتماد على التعليم عن بعد عبر شبكة الإنترنت كطريقة التدريس المعتمدة، والتي يمكن من خلالها التواصل مع الطلاب، وتأمين متطلباتهم التقنية أو الفنية أو الإدارية، وبالرغم من الصعوبات التي تواجه طرائق التدريس المعتمدة إلا أنها أثبتت فعاليتها الى حد ما.

وقد امتلكت المؤسسات التعليمية في المملكة ممارسات أكاديمية إلكترونية سمحت في الوصول الى تطوير وتقييم مميز للطلاب، وهذا مخالف لما شهدته بعض الدول التي لديها محدودية في الممارسات الإلكترونية الأكاديمية مما يقيد أساليب تقييم الطلاب والطالبات، مما سيؤثر سلباً على مستوى الخريجين.

على الرغم من التباين في جهوزية المؤسسات التعليمية مع الأزمات التي خلفها انتشار فيروس كوفيد-19، ولكن المؤسسات والجامعات في المملكة العربية السعودية تمكنت من تخفيض نسبة التأثير على مستوى جودة التعليم وميزاته التنافسية، وقد شهدت معظم التخصصات تقدم كبير في هذا المجال.

 

الملخص.

ومع انتهاء هذا المقال نجد أن الخاتمة في البحث العلمي هي ذلك العنصر الختامي من عناصر الدراسة العلمية، والذي يتعرض

باختصار إلى موضوعاته المتعددة، وطرحها على أنها مقدمات تساعد على الوصول الى النتائج المنطقية بالشكل الطبيعي.

وهذا العمل الاكاديمي المنهجي يحتاج الى إمكانيات ومعارف، والى بذل الكثير من الجهود والتركيز وتحليل عدد من نقاط البحث

الأساسية، والسعي لأن تلامس اهتمامات وتفكير القراء، بالإضافة الى الحاجة لوجود وقفة تأمل لمختلف الأفكار العامة والتفريعات

المرتبطة بموضوع البحث، أو التي ترتبط في خاتمة البحث العلمي.

 

 

المصادر:

عناصر خاتمة البحث العلمي، 2022، موضوع

عناصر الخاتمة في البحث العلمي، 2021، مبتعث

أساسيات الكتابة الأكاديمية، 2022، كلية الآداب في جامعة الملك سعود