تعددت مراحل تطور البحث العلمي، وهو أمر طبيعي ناتج عن الطبيعة الإنسانية الباحثة عن العلم والمعرفة، والتي تسعى باستمرار للوصول الى الاكتشافات التي تجعل الحياة الإنسانية أكثر تطوراً.

فالإنسان لديه غريزة الاطلاع وحب الاكتشاف والمعرفة، ولا يمكنه العيش دون أن يفهم البيئة التي تحيط به ويحللها ويتناول كل ما فيها من أحداث وظواهر.

ومع مرور السنوات كان التطور يزداد شيئاً فشيئاً وإن كان ذلك بشكل بطيء نسبياً، واستمر ذلك حتى حدثت الثورة العلمية التي شهدت العلوم والدراسات المختلفة قفزات هائلة، حتى وصلنا إلى عالمنا الرقمي الذي جعل العالم قرية صغيرة، وهو أمر كان منذ قرن من الزمن أشبه بأفلام الخيال العلمي.

فالبحث العلمي يبقى من أهم الوسائل التي تستخدم للاكتشافات والوصول الى الحقائق المحددة، وهو ما يحتاج الى إبداع وبذل المجهودات الكبيرة بشكل علمي موضوعي، ووفق الخطوات التي حددها العلماء والمتخصصين، بعد إجراء دراسات كثيرة جداً مع مرور السنوات.

مفهوم البحوث العلمية في تطور البحث العلمي

إن البحث يعني في اللغة السعي لأمر ما والتقصي حوله، أما البحث العلمي بالاصطلاح فهو الوسيلة التي يستخدمها الباحث العلمي للوصول الى أمر ما، والمساهمة في حل أمور محددة، وهو يعتمد على أساليب منهجية محددة تعتمد على الدقة والشمول.

وبناءً على ذلك يمكننا تعريف البحث العلمي بالأسلوب العلمي المنهجي الذي يستخدم بهدف تحقيق عدد من الأهداف العلمية المحددة

، والتي قد تكون لاكتشاف امور معينة أو حلول لمشكلات علمية ما، كما قد يكون الهدف هو إضافة المعارف والتحقق منها.

بالإضافة إلى ذلك فقد يهدف البحث إلى دراسة نظريات أو بحوث سابقة، والعمل على نفيها أو تأكيدها، او تعزيزها، او سد الفجوات المتواجدة فيها.

مراحل تطور البحث العلمي:

كما ذكرنا فالإنسان منذ الأزل وهو يعمل على الوصول الى المعرفة والفهم العميق للبيئة والمحيط وتحليلها، مع تسجيل العناصر التي تخضع للمراقبة.

فالباحث يعمل على الوصول الى الوسائل والأساليب التي تساعد على تحقيق الهدف والوصول الى المعارف المفيدة وتحقيقها

، وقد مرّت البحوث عبر مختلف العصور بمراحل متعددة، أما أبرز مراحل تطور البحث العلمي فهي:

البحوث العلمية في مرحلة العصور البدائية القديمة:

في العصور القديمة سعى الانسان للكثير من الاكتشافات، وقد استطاعت شعوب مثل:

البابليين والإغريقيين، والرومان والفراعنة أن تقوم بالعديد من المعارف والأساليب الخاصة والبحوث، ومن هذه العلوم نذكر :

العلوم الهندسية، والطبية، والفلكية، والجغرافية، والتحنيط، والفيزياء والحساب والعديد من العلوم الأخرى.

وتبقى الاهرامات في مصر مثال حاضر على القدرات العلمية في ذلك الوقت، كما ان الفراعنة استطاعوا تسجيل بعض المعارف على الورق البريدي

، بالإضافة الى حفرهم المعلومات التي وصلوا إليها على الصخور باستخدام اللغة الهيروغليفية.

ومن أهم الحضارات في العصور القديمة تبقى الحضارة اليونانية التي امتلكت أهم العلماء في ذلك العصر أمثال أرسطو وسقراط

، والذين اعتمدوا على النظرة العقلية المجردة وأساليب التأمل.

وقد استطاع أرسطو أن يضع منهج قياسي للبحث عن المعرفة، وقد استعان بأساليب وأدوات ومناهج ما زالت موجودة حتى عالمنا الحالي

ومن هذه المناهج والأدوات نذكر الاستقراء والملاحظة.

البحوث العلمية في مراحل العصور الوسطى:

من مراحل تطور البحث العلمي هناك مرحلة العصور الوسطى التي شهدت على التطور في الحضارة العربية الإسلامية

، والتي استمدت منها اوروبا الكثير من المعلومات واستفادت بشكل هائل منها حتى وصلت إلى عصر النهضة.

ولأن التراكم المعرفي هو الأساس في تطور العلوم الحضارات، فقد جاءت الحضارة العربية الإسلامية واستفادت كثيراً من الحضارات في العالم القديم، وأضافت إلى تلك الحضارات كم هائل من المعارف والمعلومات.

ومع نقل هذه المعلومات والاكتشافات إلى أوروبا، عمل الاوربيون على الاستفادة منها لتنطلق مرحلة من أهم المراحل التي نقلت القارة الأوربية العجوز من التخلف والظلام إلى عصر النهضة الذي ساهم بازدهار أوروبا وسطوع حضارتها، وهو ما انعكس لاحقاً على تطور الكثير من دول العالم.

البحوث العلمية في العصر الحديث:

إن كل التقدم الذي مرّ على الحياة الإنسانية عبر آلاف السنين، لا يقارن مع مراحل تطور البحث العلمي في العصر الحديث الذي انطلق منذ القرن السابع عشر ميلادي.

فالقفزات العلمية الحاصلة في هذه الفترة الذهبية هائلة في مختلف المجالات العلمية كالرياضيات، والفيزياء، والعلوم الطبيعية

، وغيرها من المجالات البحثية التطبيقية.

كما ان المنهجية والأسلوب العلمي المعتمد في دراسات علم النفس، العلوم الاجتماعية، أو الاجتماعية، وفي طرق التعليم مختلفة كثيراً

وأكثر تطوراً عما شهدناه في العصور الماضية.

وقد ساهم القالب او الهيكل الذي وصل اليه العلماء للبحوث العلمية، في جعل مهمة الباحث أكثر سهولة

، ومع التنظيم والمنهجية في الدراسات الحديثة بات أمر الوصول الى النتائج والحلول المنطقية الدقيقة أسهل وأسرع.

وقد جاء القرن الحالي لنشهد تطورات أكثر بكثير وبالخصوص مع التطور الهائل في الحواسيب وفي شبكة الإنترنت التي ساهمت في انتشار العلوم

، وفي تبادل المعلومات والخبرات، حتى وصلنا إلى عالم تكنولوجي رقمي حديث للغاية.

وما زلنا نجهل إلى أين يمكن أن يصل تطور العلم ومراحل تطور البحث العلمي، وبالخصوص أن القفزات باتت سريعة للغاية وفي مختلف المجالات العلمية.

تطور المنهجية في البحث العلمي:

مع مراحل تطور البحث العلمي كان من الطبيعي أن تتطور المنهجية العلمية التي مرت بالعديد من المراحل عبر العصور

وأبرز هذه المراحل هي:

المرحلة الأولى في تطور البحث العلمي : مرحلة الاعتماد على الصدفة

كانت الاكتشافات في العصور الأولى تعتمد على الصدفة المحضة، بحيث يصل الانسان إلى شيء بالصدفة فيتمعن في الأسباب التي أدت لحصوله.

المرحلة الثانية في تطور البحث العلمي: مرحلة إجراء التجارب

في هذه المرحلة اعتمد الانسان على القيام بالمحاولات والاختبارات والتجارب البسيطة للوصول إلى حلول إلى الظواهر والمشاهدات.

وقد شهدت هذه المراحل اخفاقات كثيرة قبل الوصول الى النتائج والحلول، وبناءً على هذه النتائج:

بنى الانسان عدد من القواعد العامة التي ساهمت في تطور الدراسات البحثية التي بقيت في مراحل بسيطة مقارنةً لما وصلنا إليه في عالمنا الحالي.

المرحلة الثالثة في تطور البحث العلمي: اتباع قرارات رجال الدين والسلطة

إن هذه المرحلة من المراحل التي اعتمدت منهجية لا توصل في معظم الحالات إلى أي تطور وتقدم

، فقد اتبع فيها الناس آراء قادتهم أو رجال الدين في تلك المجتمعات، وهي معتقدات وآراء لم تكن صحيحة في معظمها.

المرحلة الرابعة في تطور البحث العلمي:مرحلة الحوار والمنطق

لم يعد الانسان يعتقد ما يقوله القادة ورجال الدين الذين يطرحون في الكثير من الأحيان أمور غير منطقية

، فالإنسان بات يرفض جميع الأمور المخالفة للمنطق والعقل.

وبات التطور يصل من خلال المناقشة والحوار والجدل المنطقي، والاعتماد على اكتشاف أسباب حدوث الظواهر وتفسيرها

، مع الاعتماد على إجراء الاختبارات والبراهين المنطقية.

المرحلة الخامسة في تطور البحث العلمي:المنهجية العلمية الدقيقة

بعد المرور بالعديد من مراحل تطور البحث العلمي، جاء الاعتماد على الأساليب والمنهجيات العلمية السليمة

، والتي يعمل الباحثون والعلماء من خلالها على وضع الفرضيات للظواهر القضايا العلمية.

مع العمل على جمع البيانات والمعلومات السليمة، وتصنيفها وتنظيمها ودراساتها وتحليلها للوصول الى النتائج المثبتة التي تؤكد الفرضيات أو تنفيها

، وقد استخدمت هذه المنهجية العلمية في العديد من المجالات العلمية، ومن أبرزها العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية.

مراحل تطور البحث العلمي وفق أوغست كونت:

قام الفيلسوف والعالم في علم الاجتماع أوغست كونت بتقسيم الفكر الإنساني مع مراحل تطور البحث العلمي إلى مراحل ثلاثة هي:

المرحلة الحسية:

وهي المرحلة التي عمل فيها الإنسان على وصف الظواهر حسب رؤيته الشخصية، دون أن يحاول معرفة طبيعة العلاقات بين المشاهدات والظواهر.

مراحل المعرفة التأملية الفلسفية:

وهي المراحل التي يحاول الشخص من خلالها أن يدرك العلل والأسباب التي كانت بعيدة عن الحقيقة والواقع

، وقد كان الإنسان يكرس تفكيره في تلك العصور الى أفكار مثل الحياة والموت، أو فكرة الخلود.

مراحل المعارف التجريبية العلمية:

وهي تعتبر المرحلة التي وصل فيها الفكر الإنساني الى مرحلة النضوج، واعتمد فيها الإنسان على :

التفسيرات العملية لمختلف القضايا والمشكلات العلمية، وسعى لإدراكها وفهمها بشكل دقيق ومعرفة الروابط التي تربطها مع بعضها البعض.

وبذلك نكون قد اطلعنا:

على مفهوم البحوث العلمية وما هي مراحل تطور البحث العلمي

مع الاطلاع على تطور المنهجية في البحث العلمي,بالإضافة إلى إلقاء الضوء مراحل تطور البحث العلمي وفق أوغست كونت

سائلين الله تعالى ان نكون قد وفقنا في عرض المعلومات المفيدة بالنسبة لكم.

المصادر:

مراحل تطور البحث العلمي، 2020، موضوع

طريقة عمل بحث علمي ما هي مراحل تطور البحث العلمي، 2021، مقال

تطور البحث العلمي، 2022، موقع نظرتي

عن المدونة

مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم

تعرف علينا أكثر