تعريف المنهج المقارن لغة واصطلاحاً
- مايو 4, 2021
- المقالة العلمية, مناهج البحث العلمي
تعريف المنهج المقارن لغة واصطلاحاً
المقصود من المنهج الطريقة التي يتبعها العقل في دراسة موضوع ما للوصول إلى قانون عام أو مذهب جامع وهو فن ترتيب الأفكار ترتيباً دقيقاً بحيث يؤدي إلى كشف حقيقة، وقد تعددت مناهج البحث العلمي تبعاً لتعدد جوانب الدراسة فمنها التاريخي الذي يفسر الوقائع التاريخية ويحدد أسبابها الحقيقية ومنها الوصفي الذي يدرس الظاهرة بجميع خصائصها وأبعادها ومنها المقارن الذي هو موضوع بحثنا فما مفهوم المقارن؟ وما تعريف المنهج المقارن لغة واصطلاحاً؟ وما هي مراحله؟ وما هي علاقته بالعلوم الأخرى؟
تعريف المنهج المقارن لغة واصطلاحاً
المنهج المقارن لغة هو المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر ويتم ذلك بمعرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينهما.
المنهج المقارن اصطلاحاً هو عملية عقلية تتم بتحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر تستطيع من خلالها الحصول على معارف أدق نميز بها موضوع الدراسة أو الحادثة في مجال المقارنة والتصنيف. يقول دور كايم “المقارنة هي الأداة المثلى للطريقة الاجتماعية” وهذه الحادثة محددة بزمانها ومكانها وتاريخها، ويمكن أن تكون كيفية قابلة للتحليل أو كمية لتحويلها إلى كم قابل للحساب، وتكمن أهميتها في تمييز موضوع البحث عن الموضوعات الأخرى حيث تبدأ معرفتنا له.
ما هي شروط المقارنة؟
يمكننا بواسطة المقارنة الوصول إلى تحقيق دراسة أوفى وأدق في ميدان المقارنة التطبيقية، ولتحقيق مقارنة سليمة يجب توافر شروط تحكم هذه العملية الذهنية وأهم هذه الشروط:
-
- يجب ألاّ ترتكز المقارنة على دراسة حادثة واحدة وإنما تستند المقارنة إلى دراسة مختلف أوجه الشبه والاختلاف بين حادثتين أو أكثر.
- أن يسلط الباحث الضوء على الحادثة موضوع الدراسة بشكل أدق وأوفى من خلال جمع معلومات كافية وعميقة حول الموضوع.
- أن تكون هناك أوجه شبه وأوجه اختلاف فلا يجوز مقارنة ما لا يُقارن.
- تجنب المقارنات السطحية والتعرض من الجوانب أكثر عمقاً للفحص وكشف طبيعة الواقع المدروس وعقد المقارنات الجادة والعميقة.
- أن تكون مقيدة بعاملي الزمان والمكان فلا بد أن تقع الحادثة الاجتماعية في زمان ومكان نستطيع مقارنتها بحادثة مشابهة وقعت في زمان ومكان آخرين.
ما هي أنواع المقارنة؟
للمقارنة 4 أنواع هي:
المقارنة المغايرة:
وهي المقارنة بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر، وتكون أوجه الاختلاف فيها أكثر من أوجه الشبه.
المقارنة الخارجية: وهي مقارنة حوادث اجتماعية مختلفة عن بعضها.
المقارنة الداخلية:
تدرس حادثة واحدة، مثل البطالة أثناء الحروب قد يكون سببها النشاط الحربي أو هجرة السكان أو تجمعهم في السجون.
المقارنة الاعتيادية:
هي مقارنة بين حادثتين أو أكثر من جنس واحد تكون أوجه التشابه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف.
ما هي مراحل المنهج المقارن؟
المنهج المقارن كغيره من المناهج يمر في دراسته بمراحل، وأهم هذه المراحل هي:
- إثبات وجود الحادثة الاجتماعية وعلى الباحث أن يتحلى بروح العالم الفيزيائي والكيميائي بمعنى أنه يجب عليه أن يعتبر خلال البحث الحوادث الاجتماعية أشياء فيتناولها من الخارج.
- تصنيف مختلف السمات والخصائص والعناصر كلّ في إطارها لتحديد جملة من المفاهيم.
- بعد ذلك عليه أن يكشف العلاقات الثابتة أي القوانين بين الحوادث الاجتماعية التي أقامها فيتحاشى التفسير بالعلل الغائبة ولا يعتمد إلا التفسير بالعلل الفعّالة ويجب أن يبحث عن علة الحادثة الاجتماعية في الحوادث الاجتماعية السابقة فيفسر الحادثة بحادثة أخرى.
- لكي يتحقق من الغرض الذي يقدمه لتفسير الحادثة الاجتماعية يجب عليه أن يعمد إلى تحليل وشرح المعلومات ومعرفة أسباب الاختلاف والمادة التي يجمعها قصد الحصول إلى قانون سليم.
المنهج المقارن وعلم الاجتماع
لقد رأينا أن التاريخ يهتم بالحوادث الماضية من حيث هي حوادث خاصة ويبحث عن أسبابها في حدود معينة من الزمان والمكان، أمّا علم الاجتماع فإنه يتجاوز الحدود المكانية والزمانية، ويطلب العلاقات العامة الثابتة بين الحوادث التي تقع في المجتمعات عبر الزمان والمكان، وتتمثل هذه العلاقات العامة الثابتة (أي القوانين) في وحدة العادات والمعتقدات لدى مختلف الأمم المتباعدة في الزمان والمكان عند وحدة الشروط الاجتماعية بحيث يمكننا أن تقول أن الشروط الاجتماعية المتماثلة تحدث ظواهر اجتماعية متماثلة (أي المؤسسات والأخلاق والمعتقدات التي تظهر في فئة بشرية)
يستعين العالم الاجتماعي في تحقيق الفروض بالتاريخ المقارن
ويستعين العالم الاجتماعي في تحقيق الفروض بالتاريخ المقارن فيتناول المجتمعات في أمكنة وأزمنة مختلفة فيلاحظ كيف أن الظاهرة المعينة تتغير تبعاً لتغير ظاهرة أخرى معينة، ومن هنا فمنهج علم الاجتماع هو منهج مقارنة بالدرجة الأولى يعتمد على الإحصاء والخطوط البيانية لتأخذ شكلاً رياضياً، ونأخذ مثال ذلك ظاهرة الانتحار التي درسها دور كايم للكشف عن العلاقة الثابتة بين نسبة المنتحرين والحالة المدنية والدين ونمط العيش، فتبين له بما يخص “الانتحار بين المتزوجين” أنه عند المتزوجين الذين لا أولاد لهم أكبر منه عند المتزوجين الذيم يملكون أولاداً، وأن البروتستانت ينتحرون أكثر من الكاثوليكيين….إلخ، فاستخلص من هذه المعطيات الإحصائية قانوناً اجتماعياً مفاده “أن الانتحار يتناسب عكساً مع درجة الاندماج في المجتمع الديني والمجتمع العائلي والمجتمع السياسي”.
المنهج المقارن وعلم السياسة
لقد ساعد المنهج المقارن بشكل كبير في تطور علم السياسة، فقد استخدمته العديد من الدول ومن أهمها اليونان من أجل المقارنة
بين الأنظمة السياسية لمدنها وذلك لتبني الأنظمة المثلي، وقام أرسطو بمقارنة 158 دستور من دساتير هذه المدن واعتمد
في ذلك على مبدأ الضرورة القائم على أساس أن لكل دولة خصوصياتها. كما نجد مونتسكيو الذي صنف الأنظمة إلى جمهورية ملكية، دستورية واستبدادية، وأكّد في مقارنته أن تصنيفه يقوم على أساس الممارسة الفعلية التي تتم داخل النظام، فالجمهورية في نظره هي التي تسود فيها العدالة والقانون وتُصان فيها الحريات الخاصة والعامة، أمّا ميكافيلي فقد ميز في مقارنته بين 3 أصناف من الدول، الدولة التي يحكمها ملك واحد، الدولة الأرستقراطية وتحكمها أقلية النبلاء، والدولة الديمقراطية وهي التي ترجع فيها السيادة للشعب.
المنهج المقارن وعلم القانون
لقد عرف القانون المقارن تطوراً معتبراً خلال القرن التاسع عشر بتأسيس جمعية التشريع المقارن بباريس سنة 1869 حيث تهتم دراسة القانون المقارن بمقارنة
قوانين بلدان مختلفة لأجل معرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين هذه القوانين كما يعمل على تفسير مختلف فروع القانون.
فقد استعمل ماكس فيبر المنهج المقارن لدراسة المبدأ الذي تقوم عليه عملية ممارسة السلطة في المجتمع، وقد قارن وميّز بين 3 أنواع من السلطات، وهي السلطة الكاريزماتية التي يمارسها أشخاص تكون لهم قدرات ذهنية وشخصية كبيرة وخارقة يخضع لها المحكومين، السلطة التنفيذية وهي السلطة التي تستند في أحكامها على العادات والتقاليد والأعراف السائدة في بلد معين، والسلطة القانونية وهي السلطة التي يستمد فيها الحاكم شرعيته من القانون وهي السلطة التي تعمل بها المجتمعات المتقدمة.
الخاتمة
رغم أن المقارنة كمنهج قائم بذاته حديث النشأة ولكنها قديمة قدم الفكر الإنساني، فقد استخدمها أرسطو وأفلاطون كوسيلة للحوار في المناقشة قصد قبول أو رفض القضايا والأفكار المطروحة للنقاش، كما تم استخدامها في الدراسات المتعلقة بالمواضيع العامة كمقارنة بلد ببلد آخر إضافة إلى استعمالها في المواضيع والقضايا الجزئية التي تحتاج إلى الدراسة والدقة، كما أسهمت الدراسات المقارنة بالكشف على أنماط التطور واتجاهاته في النظم الاجتماعية.
اقرأ ايضا
: للطلب أو للاستفسار قم بتواصل معنا
00962786468632
عن المدونة
مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم
اطلب خدمة
تواصل معنا الآن لطلب الخدمة التي تبحث عنها من مجموعة خدمات موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة