تعريف المنهج العلمي ونشأته
- أبريل 1, 2020
- مناهج البحث العلمي
تعريف المنهج العلمي
ترتبط العلوم والمعارف البشرية بضرورة توافر منهج للتقصِّي والتحرِّي والبحث، وفي حالة غياب ذلك؛ فسيكون الناتج هو العشوائية، ولو لم تكن هناك استفادة حقيقية من المحاولات الفاشلة التي قام بها بنو البشر في التفسير والفهم؛ لظللنا في غيابات الكُهوف، ولما أصبح الحال كما هو عليه الآن، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية المنهج العلمي في توفير طرق مجربة ناجحة شبه قياسية؛ تساعد الباحثين في التوصل لأهدافهم، وستدور عناصر مقالنا حول تعريف المنهج العلمي مع بعض الجوانب التفصيلية الأخرى التي تحيط بذلك.
تعريف المنهج العلمي:
كلمة المنهج باللغة الإنجليزية “”Method، والكلمة بالفرنسية Méthode””،
ونجد نطق وكتابة الكلمة في مختلف اللغات الأوروبية قريبًا من ذلك، والمُتتبع لأصل تلك الكلمة يجدها يونانية “μέθοδος”.
- تعريف المنهج العلمي (1): هو عبارة عن طريقة أو أسلوب مرتب ومنظم، يتبعه الباحث لحل مشكلة أو قضية علمية محددة الجوانب.
- تعريف المنهج العلمي (2): مجموعة من النظم والقواعد العمومية، تساعد الباحثين في التوصل للحقائق فيما يتعلق بالظواهر الطبيعية أو الاجتماعية أو الإنسانية.
- تعريف المنهج العلمي (3): عدم قبول الفكرة إلا من خلال براهين ودلائل يقبلها العقل البشري.
- تعريف المنهج العلمي (4): أسلوب لتنظيم الأفكار المتعددة، والتي تهدف إلى الكشف عن المسببات التي تكون ظاهرة محددة.
نشأة المـنهج العلمي وعلم المناهج:
نشأة المنهج العلمي ““Method:
لقد ارتبط الفكر البشري بالمنهج، و”المنهج” لغة يعني طريقًا واضحًا مستقيمًا لا غبار فيه، ولقد جاءت الشرائع السماوية لتحدد للإنسان الطريق نحو الخير والصلاح،
وبصورة لا تشوبها شائبة، ونستند لصحة ذلك بقوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا) [سورة المائدة:48].
من يبحر في كتب الفلاسفة القدامى يجد أن أفلاطون وأرسطو استعملا كلمة المنهج بمعنى البحث، والمعرفة، والتحقق،
وفي ظل ذلك وضعت مناهج ذات بُعد فلسفي أصيل، مثل: المنهج الفرضي، والمنهج التمثيلي، والتصورات الأرسطية،
غير أن تلك المناهج قوبلت من جانب التجريبيين الماديين بالرفض الشديد، على اعتبار أنها لا تخدم روح العصر.
وضعت الهيئة الحديثة للمنهج العلمي، أو بمعنى آخر كما يحلو للبعض أن يطلق عليها (المنهج العلمي كنظرية) في القرن السابع عشر على أثر صدور كتاب (الاورجانون الجديد)، ومؤلفه هو العالم “فرانسيس بيكون” (1561-1626م)،
والذي أطلق عليه البعض (أبو المنهج التجريبي)، وسار على نهجه كوكبة من علماء الغرب، مثل: ستيوارت تشابن، ودور كايم، ووليم توماس، وبرتران رسل، وكلود برنارد، ورينيه ديكارت،
ولكل منهم بصمات فيما يخص قواعد المنهج العلمي.
نشأة علم المناهج Methodology”“:
في ظل عصر الثورة الصناعية ظهرت الحاجة لعلم مستقل في حد ذاته، ويبحث في طرق البحث،
وهو ما أطلق عليه علم المناهج Methodology””، وذلك المصطلح مُرادف لجملة “فلسفة العلم”، ويشير ذلك إلى الطرق المستخدمة في الحصول على المعارف العلمية،
وأول كتاب وضع أسسًا أو إطارًا عامًّا لذلك العلم هو كتاب المنطق للعالم جون ستيورات ميل في عام 1898م،
وشمل ذلك الكتاب مجموعة من الطرق للتحري والاستقصاء وتقويم المعلومات والبيانات.
وفي ظل نفس التوجه أصدر العالم “ناجل “Nagel مؤلفه عن علم المناهج باسم (بناء العلم The structure of science)،
وذلك في عام 1961م.
الفرق بين المنهج العلمي والمنهجية:
دار جدل كبير بين مفهوم المنهج العلمي والمنهجية، وأقرب التفسيرات أو الأكثر شيوعًا تقضي بأن المنهج العلمي طريقة عامة منظمة لدراسة الإشكاليات البحثية،
أما المنهجية فهي مفهوم تقع تحت مظلته مناهج العلوم، وكذلك أساليب التفكير المختلفة، وأدوات وتقنيات البحث العلمي القديمة والحديثة،
وكذلك الخطوات الكتابية التنفيذية للبحث، وجميعها تشكل المنهجية،
ولكي لا نحتار فمن الممكن أن نطلق على المنهج إطارًا عامًّا، أما المنهجية فهي تفاصيل تنفيذية.
جدل بين الفلاسفة والعلماء حول علم المناهج:
وُلد علم المناهج methodology في ظل نزاع بين العلماء والفلاسفة، وكل منهم يرغب في نسب ذلك العلم لنفسه،
فمن هو المتحكم في تأصيل مناهج البحث العلمي؟
على الوجه يمكن أن نرجع أصل جميع المناهج العلمية إلى ثلاثة مناهج وهي: المنهج الاستدلالي (البرهان)،
والمنهج التجريبي (التجربة والملاحظة)، والمنهج التاريخي (ألاستردادي)،
وجميعها يمكن أن تكون علم المناهج، الذي يساعد في التوصل للحقائق.
يرى العالم “كلود برنار” أن مناهج العلوم يتم اكتشافها بداخل المعمل؛ عن طريق الملاحظة العلمية المنظمة والتجريب،
وذلك هو العلم الحقيقي، ورفض “برنار” كون الفلاسفة هم واضعو علم المناهج،
بل إنه قال إن الفلاسفة يستطيعون أن يقدموا قواعد عامة، وفي بعض الأحيان كان الفلاسفة سببًا في تضليل الباحثين،
وأشار برنارد إلى أن مناهج العلوم ذاتها تختلف حسب طبيعة التخصصات العلمية المختلفة.
من وجهة نظر كثير من الخبراء أن “كلود برنار” قد جانبه الصواب؛ فجميع العلوم المادية كانت بدايتها فلسفة تأملية،
وتخضع للمنطق، وللفلاسفة دور مهم في وضع مناهج العلوم، فلديهم نظرة شاملة من خارج الدائرة،
والشاهد أن لكل من العالم والفيلسوف دورًا في وضع المناهج، فالعالم يهتم بتفاصيل التجارب ويضع النتائج المتعلقة ببحثه وفي ميدان معين،
والفيلسوف يضع الطرائق العامة في ضوء ذلك.
مراحل تطبيق المنهج العلمي:
- تحديد الظاهرة محل البحث: يبدأ الباحث بتحديد الظاهرة أو المشكلة التي سيتصدَّى لها،
ومن المهم أن تكون هذه الظاهرة واضحة ويتكرر حدوثها؛ كي يتمكن الباحث من دراستها.
- وضع التساؤلات والفرضيات: بما يمتلكه الباحث من معلومات مبدئية يبدأ في طرح تساؤلات حول ماهية وطبيعة المشكلة،
وَمِنْ ثَمَّ يقوم بوضع الفرضيات، غير أن هناك بعض البحوث التي يقتصر فيها الباحث على وضع تساؤلات فقط؛
نظرًا لعدم وضوح متغيرات يمكن أن يستعين بها الباحث في صياغة فرضيات،
وذلك الأمر شائع في بعض الدراسات الوصفية أو الاستردادية التاريخية…. وغيرها.
- اختيار عيِّنة الدراسة: يقوم الباحث في تلك الخطوة من خطوات المنهج العلمي باختيار مجموعة من المفردات تتضح فيها السمات أو الصفات التي تتعلق بمشكلة البحث،
ويكون ذلك بإحدى طرق الإحصاء، وحجم العيِّنة المختارة يتوقف على مدى وجود انسجام من عدمه بين مفردات مجتمع البحث،
وكلما كان هناك توافق وانسجام بين المفردات فمن الممكن أن يختار الباحث عيِّنة محدودة.
- تحديد أدوات الدراسة المستخدمة: يوجد كثير من أدوات الدراسة التي تُستخدم في تجميع البيانات والمعلومات من عيِّنة البحث،
ويمكن أن يختار الباحث منها أداة واحدة أو أكثر، ومن بين هذه الأدوات: بطاقة الملاحظة، واستمارة الاستبيان، والمقابلة.
- تجميع البيانات والمعلومات: وتلك الخطوة من أهم خطوات تطبيق المنهج العلمي، حيث يقوم الباحث بتجميع البيانات والمعلومات باستخدام أدوات البحث،
بالإضافة إلى الاستعانة بالمصادر والمراجع التاريخية في حالة إذا ما تطلَّبت طبيعة البحث ذلك.
- وضع النتائج وتفسيرها: بعد انتهاء الباحث من تجميع البيانات يقوم بوضع النتائج التي يتوصل إليها مع توضيح التفسيرات التي تُجلي الإشكالية محل البحث.
أنواع المنهج العلمي:
صنَّف العلماء المناهج العلمية تبعًا لعديد من التصنيفات،
ويأتي في مقدمتها: تصنيف MARQUIS: المنهج الاجتماعي، والمنهج التاريخي، والمنهج الأنثروبولوجي، والمنهج المونوغرافي، والمنهج التجريبي، ومنهج دراسة الحالة،
وتصنيف WHITNEY: المنهج الفلسفي، والمنهج الاجتماعي، والمنهج الوصفي، والمنهج التجريبي، والمنهج التاريخي، والمنهج الإبداعي، والمنهج التنبؤي،
وتصنيف GOOD AND SCATES: المنهج الوصفي، ومنهج دراسات التطور والنمو، ومنهج دراسة الحالة، والمنهج التجريبي،
وتخضع تلك التصنيفات لفهم وفكر علماء المناهج.
وفي نهاية موضوعنا ( تعريف المنهج العلمي )؛ لا يسعنا إلا ندعو لجموع الباحثين والباحث في دولنا العربية بالنجاح والتوفيق، اللهم صلِّ على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.
عن المدونة
مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم
اطلب خدمة
تواصل معنا الآن لطلب الخدمة التي تبحث عنها من مجموعة خدمات موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة