البحث العلمي عبارة عن نشاط إنساني نِتَاجُه العلم، والكشف عن الحقائق، وتقديم حلول واقعية يمكن تطبيقها، ويلزم ذلك عُمق من الجانب النظري والعملي؛ بهدف تنظيم المادة العلمية، واتباع مجموعة من القواعد المنهجية، والأخيرة تُمثِّل شجرة راسخة، وجذورها منطقية التحليل؛ حتى لا تسقط الشجرة بسبب الرياح التي يمكن أن تتمثَّل في التحيُّز واتِّباع هوى النفس، وساق تلك الشجرة تمثلها الطرائق البحثية (مناهج البحث)، ولا ينبغي أن يكون ذلك بمعزل عن مجموعة من السِّمات الواجب أن يتحلى بها الباحث، وهو ما سنفصله من خلال فقرات مقالنا حول أبرز صفات الباحث .
من المهم أن يختار الباحث إشكالية أو قضية علمية مهمة، وتقع في نطاق تخصصه العلمي،
وحبَّذا لو سأل الباحث نفسه: هل أستطيع أن أقوم بتنفيذ دراسة بحثية لائقة في إطار موضوع معين؟، وكل باحث ترمومتر لذاته، وكذلك من المهم أن يكون الموضوع مُناسبًا لما يحوزه الباحث من أموال، وكذا ما يتوافر لديه من وقت.
تحري الصدق في الأقوال والأفعال:
الصدق من بين صفات الباحث الأساسية، سواء أكان في القول أو الفعل، ومُؤدَّى ذلك هو النجاح في العمل البحثي،
وتحقيق إفادة حقيقية على الجانب العلمي أو المجتمعي.
التــــــــــــــحلي بالصبر والاجتهاد:
إن البحث العلمي يحتاج لباحث يتَّسم بالصبر والاجتهاد، وخاصة في ظل مواجهة كثير من الصعوبات في سبيل التوصل لحلول منطقية،
ومن بين الصعوبات ما يتعلق بالحصول على المعلومات من المصادر والمراجع في ظل نُدرتها ببعض الدراسات،
وكذلك ما يصاحب تحليل تلك المعلومات، وكذا التعامل مع المستجيبين (عينة الدراسة)… إلخ.
الابــــــــــــــــتكار والتــــــــــــجديد:
قيمة البحث العلمي تتمثل في فكرته، فكم من البحوث والدراسات تنفذ في طليعة كل يوم!!،
وقليل منها هو ما يستحوذ على إعجاب المُطالعين، نظرًا لاتِّسامه بعنصر الابتكار والتجديد، وذلك في طليعة صفات الباحث.
صــــــــــــفاء الذهن وسرعة البديهة: ويُعد ذلك من بين صفات الباحث الأساسية؛ فمن خلال الذهن الصافي، والبديهة الحاضرة يمكن أن يربط الباحث بين الأفكار، ويزن الأمور بدقة، ومن ثم التوصل للاستنتاجات الصحيحة من الناحية المنهجية.
التــــــجرد من الآراء الشــــــخصية:
البحث العلمي يتطلب تجردًا تامًّا من جميع ما يعتقنه الباحث من أفكار أولية حول إشكالية معينة،
ويجب أن تكون النتائج النهائية التي يتم بلوغها مشفوعة بأدلة تفسر العلاقة بين المتغيرات التي تتضمنها فرضيات البحث،
وبما يُجيب عن تساؤلات الباحث المُصاغة مُسبقًا.
المــــــــحافظة على ســـــــلامة البيئة:
من المهم أن يُحافظ الباحث على البيئة، وخاصة من يقومون بالتجارب الكيميائية أو الفيزيائية في الطبيعة،
وكثير من المنظمات الدولية أصدرت تعليمات صريحة تُجرِّم أي انتهاكات للحياة الطبيعية، وذلك من صفات الباحث المحورية.
الأمـــــــــــــانة في النقل عن الآخرين:
من المهم أن يتحلى الباحث بالأمانة العلمية عند النقل عن الباحثين السابقين، وذلك عند الاطلاع على المصادر والمراجع،
وفي ضوء ما تقره جهات الدراسة من نسب للاقتباس، ومن هذا المنطلق يجب توثيق النصوص والبراهين المُقتبسة وفقًا لطريقة علمية محددة،
ويوجد عديد من طرق التوثيق، ومن أشهرها طريقة هارفارد، وطريقة جمعية اللغات الحديثة،
وطريقة جمعية علم النفس الأمريكية، وطريقة جامعة شيكاغو.
عدم التعصــــــــــــب للأفكار الشخصية:
خلق المولى – عزَّ وجلَّ – البشر متفاوتين في التفكير، ولكل شخص رأيه وشواهده،
والباحث الفطن هو من يتقبل مختلف الآراء ويناقشها، ويُقنع، أو يَقتنع، والحقيقة المطلقة عند الخالق البارئ.
التـــــواضع والابـــــــتعاد عن الغرور:
يُعد التواضع من بين صفات الباحث العلمي المحورية، وتلك شيمة العلماء الكبار، وبداية السقوط الحقيقي هو الكبر والغرور،
ويجب أن يلمس المُطالعون على البحث العلمي ذلك من خلال طريقة كتابة الباحث.
حــــــــب الاطــــــــلاع على ما هو جديد:
البحث العلمي غير مُنقطع، وما يتوصل إليه الباحثون اليوم قد لا يكون ذا قيمة تُذكر غدًا،
فالعلم يتغير بوتيرة مُتسارعة، وخاصة في تلك الفترة الزمنية التي نحياها،
لذا يجب على الباحث أن يكون مُطلعًا بشكل دائم على مجال تخصصه.
ســـــــلامة البــــــاحث من المــــــــــخاطر:
من المهم ألا يُعرِّض الباحث نفسه لمخاطر تُسبِّب له أضرارًا، فالبحث العلمي وُجد ليبني قواعد ويحل إشكاليات،
وقبل ذلك سلامة الباحث في المقام الأول، وذلك من صفات الباحث الأصيلة.
التــــــــــــــــــــــدرج في الفـــــــــــــــــــهم:
من المهم أن يبدأ الباحث الدراسة بالبسيط السلس الذي يمكن فهمه بسهولة، ومن خلال ذلك يستطيع تفهُّم النقاط الصعبة،
وجدير بالذكر وجود منهج علمي مُتكامل يُعرف بالمنهج التحليلي، ويتفق مع طريقة التفكير المنطقية،
ويبدأ ذلك بتفكيك أي مشكلة إلى مكوناتها الأولية، وبناءً على ذلك يُقوِّم الباحث الإشكالية من خلال استخدام طريقة النقد البناء، ومن ثم القيام بتركيب أو استنباط جديد.
الـــــــحافز الشــــــــــــخصي:
إن البحث العلمي وجب أن يقترن بشغف ورغبة وحافز شخصي من جانب الباحث،
ودون ذلك سيخرج بهيئة روتينية خالية من الإبداع، أو دون نتائج واضحة.
الــــــدقة في صياغة النتائج:
تُعتبر النتائج أو الاستنتاجات البحثية بمثابة نهاية رحلة البحث العلمي، وهي آخر الخطوات،
وكثير من المُطالعين أو المُقيِّمين يركزون على ذلك الجزء دون غيره باعتباره المصبَّ،
ومن ثم يجب أن تكون الاستنتاجات مُصاغة بشكل دقيق، ومُقرنة بأدلة دامغة.
صفات ترتبط بتعامل الباحث مع مجموعة المستجيبين (صفات أخلاقية):
سـرية بيانات المستجيبين:
يجب أن يُحافظ الباحث على البيانات التي يجمعها عن المُستجيبين، ويجعلها في طور السرية،
ومن ثم عدم تقديمها لأي جهة رسمية أو غير رسمية، إلا بعد موافقة المستجيبين على ذلك.
مراعاة شعور المستجيبين:
من المهم أن يُراعي الباحث شعور المُستجيبين عند الالتقاء بهم، وعدم التعرض لحياتهم الشخصية.
عـــدم تحريف المعلومات:
من الضروري أن ينقل الباحث عن المُستجيبين بكل دقة وأمانة، وعدم تحريف ما يُدلون به، أو تأويله بطريقة مُغايرة لمدلوله،
وبما يساعد في تأصيل أفكار شخصية لدى الباحث.
الحصول على موافقة الجهات المسؤولة:
في حالة توجُّه الباحث لدور رعاية الجانحين أو كبار السن أو المصحَّات النفسية والعصبية، أو رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة،
فإن ذلك يتطلب الحصول على موافقة من تلك الجهات.
تحقيق استفادة للمستجيبين من البحث:
من المهم أن تتحقق استفادة للمُستجيبين في ضوء ما يتم التوصل إليه من نتائج،
وعلى سبيل المثال في حالة كون البحث ينصبُّ على إشكالية إدمان المخدرات؛
فمن الممكن متابعة المشاركين في البحث من المُدمنين، وتطبيق النتائج والتوصيات التي تم التوصل إليها.
عدم الإضرار بالمستجيبين:
من بين صفات الباحث المهمة عدم إضراره بالفئة التي يختارها لجمع المعلومات، سواء أكان الضرر نفسيًّا أو بدنيًّا مهما كانت الضرورة.
حرية الانسحاب من الدراسة:
يعمل المُستجيبون مع الباحث العلمي بشكل تطوعي، وفي حالة رغبة أحدهم بالانسحاب وعدم الإدلاء بمعلومات أو المشاركة في البحث فإن ذلك حق أصيل،
ويجب أن يحترم الباحث ذلك، ويأتي ذلك بين صفات الباحث المحورية.
مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم