نظرية التعلم البنائية
العلم الحديث لا ينص على ما هو متداول بين الناس حول التعلم، فالتعلم ليس حفظ وتكرار المعلومة وحسب وإنما التعلم هو قدرة الشخص أيضا على بناء معلومته متأثرا بالبيئة الخارجية وبجميع معطياتها.
وهذا ما أكدت عليه نظرية التعلم البنائية فلكل متعلم خصوصية التعلم وخصوصية فهم الأفكار، فإن تكرار المدرس للمعلومة لم يعد أمر له هذه الجدوى المعتقدة.
نظريات التعلم:
– هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى تغير الناس وتغير في سلوكهم وطبيعتهم، وهذا التغير سيشعر به كل من حولهم من أصدقائهم وأقاربهم، والذين يجب أن ينسجوا مع هذا التغير.
– إن أسباب تغير الناس يعود لعدم رضاهم في واقعهم، سواء أكان هذا الواقع مادي أو اجتماعي أو عاطفي أو غير ذلك.
– وجاءت نظريات التعلم بما فيها نظرية التعلم البنائية لفهم هذا التغيرات التي تطرأ على الناس ووضع التفسيرات لها.
– إن نظريات التعلم تهدف لمعرفة الطرق والأساليب التي أدت إلى تعلم الناس، ومعرفة التجارب والمبادئ التي استندوا عليها، أي بما معناه تدرس هذه النظريات تكوين المعرفة وتشرح طرق تعلمها وتتنبأ لها.
مفهوم نظرية التعلم البنائية:
– تعد من أهم النظريات التي أحدث ثورة في العملية التربوية، تأخذ هذه النظرية شعبية كبيرة برغم من أنها أقدم النظريات.
– كما يطلق على النظرية البنائية بنظرية المعرفة وكانت هذه النظرية محط اهتمام الكثير من العلماء والفلاسفة، وكان بياجيه من أهم مؤسسي هذه النظرية.
– حيث يقول بياجيه أن الأحداث التي تحيط بالإنسان ما هي إلا مصدر ومحدد واحد لتعليم الخارجي، فالدماغ المدرك والذي تم الاعتناء به معرفيا هو أكبر من أن يكون الخارج فقط سبب للمعرفة.
– كما أطلق بياجيه مصطلح عامل الموازنة والذي يقصد به أن الطفل يتعلم الكثير أثناء عملية نموه وليس جميع ما تعلمه يمكن أن يفسر تبعا لمحددات اجتماعية أو مادية.
– تدور هذه النظرية بشكل أساسي على أن التعليم عملية تنبي المعرفة، وليست عملية اكتساب للمعرفة وحسب.
بعض من المفاهيم الأساسية لنظرية التعلم البنائية:
1- مفهوم التكيف:
▪ التعلم هو القدرة على التكيف مع جميع المعطيات المادية والاجتماعية التي تحيط بالفرد.
▪ كما يعتبر التكيف هو غاية الموازنة والذي يحدث بين كل من الجهاز العضوي والحالات المختلفة من الاضطرابات وعدم التوازن والانتظام المتوقع حدوثها، وذلك من خلال القدرة على التأقلم والاستيعاب.
2- التلاؤم:
▪ التلاؤم هو الطريقة التي تستجيب بها الذات مع استيعاب جميع المتغيرات والمعطيات بهدف تحقيق التوازن لها.
▪ فالاستيعاب هو دمج الأفكار ضمن البنية الذاتية.
▪ والملائمة هي التلاؤم التي تصل إليها الذات مع الأفكار الخارجية.
3- مفهوم الموازنة والضبط الذاتي:
▪ ويقصد بالضبط الذاتي بأنه النشاط الذي تقوم به الذات من أجل تجاوز جميع المؤثرات والاضطرابات وتحقيق الموازنة.
4- مفهوم السيرورات الإجرائية:
إن كل أنواع التكيف ودرجات التطور والمعرفة تحدث جميعها بشكل متلازم جدليا، وتتأسس على قاعدة من الأنشطة والعمليات الإجرائية والعملية.
5- مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية:
يعرف العالم جان بياجيه التمثل بأنه الخريطة المعرفية التي يقوم الفكر ببنائها حول عالم الأشياء والأفراد، مستخدما ما يسمى بالوظيفة الرمزية التي تعتمد على اللغة واللعب الرمزي.
6- مفهوم خطاطات الفعل:
تعرف الخطاطة بأنها سلوك له محددات نموذجية من الممكن استعمالها بشكل مقصود.
ويقصد بمفهوم خطاطات الفعل بأنه الذكاء العملي الذي يتحكم بالطور الحسي – الحركي من منطق النمو الذهني.
أسس ومبادئ التعلم في النظرية البنائية:
وإليك فيما يلي بعض من أسس ومبادئ هذه النظرية التي ستساعدك أكثر على فهمها:
1- عقل الفرد هو من يقوم بعملية بناء المعرفة أي لا يوجد معرفة تصل مكتملة إلى عقل الفرد.
2- وبناء على ما يتوفر من معلومات وحقائق أمام الفرد يبني المعرفة ويفسر ما يتلاقاه.
3- التعلم جزء لا يتجزأ عن العلاقة الإنمائية بين الذات وبين الموضوع، وعن تطور هذه العلاقة.
4- تعرف هذه النظرية المفهوم بأنه الأساس الذي يبنى استنتاجات استدلالية مستمدة من خطاطات وتصرفات الفعل، وبالمختصر الاستلال هو شرط أساسي ولازم لتتم عملية بناء المفهوم.
المزيد من أسس ومبادئ التعلم في النظرية البنائية:
5- يعرف الخطأ في نظرية التعلم البنائية بأنه فرصة يتم من خلالها وضع الحلول له، ويعد تجاوزه من الأسس الصحيحة لبناء المعرفة.
أي أن الخطأ أحد شروط التعلم.
6- كما يعتبر الفهم للمعطيات والموضوع شرط لازم ومهم لتعلم.
7- كما تنص هذه النظرية على أن التعلم يقوم على أساس التجربة ويقترن بها، وليس التلقين.
8- التعلم هو عملية تجاوز للمواقف وليس الاضطراب منها.
توظيف نظرية التعلم البنائية في تعلم الطلاب:
▪ لقد وجدنا مما سبق ذكره أن نظرية التعلم البنائية لها فلسفة تربوية تسعى لتقديم أفضل طرق تعليمية، وهذا ما أدى إلى استخدامها في العلوم الإنسانية والاجتماعية والتطبيقية والعلوم الرياضية أيضا.
▪ فالذي تريد أن تصل له هذه النظرية أن يتمتع المعلم بالصبر والتأني أثناء تقديم المعلومات للطلاب، فيجب ألا تقدم المعلومة مباشرة على طبق من فضة.
▪ يجب أن يكون لطالب دور في البحث عن المعلومة وإحضارها وذلك من خلال:
1- بعدما يقوم المعلم بتقدم المعلومة يكلف الطلاب بالبحث عنها، وذلك من خلال المصادر والمراجع العلمية المختلفة كالكتب والمواقع الإلكترونية وغيرها.
2- إضافة لذلك يقوم المعلم أيضا بتكليف الطلاب بإعداد الأبحاث المناسبة لمستواهم العلمي والعمري.
المزيد من توظيف نظرية التعلم البنائية في تعلم الطلاب:
▪ كما تهدف هذه النظرية إلى رفع مهارات التواصل الاجتماعي سواء أكان بطرقه التقليدية كاللفظ اللغوي أو بطرقه الحديثة عبر الوسائل الإلكترونية.
▪ تبادل المعرفة والعلم وتوفير بيئة غنية بالمعلومات والحقائق وبمصادرهما.
▪ كما يجب أخذ استمرار الطالب بالعمل بعين الاعتبار، لذلك يجب تحفيزه وتشجيعه بشكل دائم ومستمر.
▪ وتعتبر هذه النظرية ملائمة جدا لتدريس العلوم الرياضية، وبناء أساسياتها ومفاهيمها.
أبرز منظري نظرية التعلم البنائية:
1- جان بياجيه:
▪ أطلق على العالم جان بياجيه اسم “علم المعرفة الوراثية” فهو أول من طور نظرية “التطور المعرفي عند الأطفال”.
▪ جان بياجيه هو فيلسوف كبير وعالم نفس حيث يعتبر من أبرز رواد المدرسة البنائية وأول علمائها.
▪ وفي عام /1965م/ قام بإنشاء مركز سمي “مركز نظرية المعرفة الوراثية” وبقي مديرا له حتى وافته المنية.
2- جون ديوي:
▪ يعتبر أيضا من أبرز رواد المدرسة البنائية، وهو أيضا عالم نفس من أصول أمريكية.
▪ ويعد جون ديوي زعيما للفلسفة البراغماتية ويقال أيضا بأنه هو السبب في استمرارها، وهو من نشر كلمة العلم والديمقراطية في أمريكا.
نستنتج مما سبق:
– أهم ميزات العلم المرونة والديناميكية وهذا ما كانت تسعى إليه نظرية التعلم البنائية فالمعلومة بمنظورها ليس قالب جامد يصل إلى المتعلم إنما لكل متعلم خصوصية التفكير والتحليل.
