مبادئ المنهج العلمي وأنواع المناهج العلمية

تتعدَّد مبادئ المنهج العلمي، وهي تعني الأُسُس التي يعتمد عليها، وفي البداية يجب تعريف المنهج العلمي “Method” بالإنجليزية، وMéthode”” بالفرنسية، والأصل لاتيني “Methodus”، ويُعرف على أنه “طريقة منظمة اصطلح عليها العلماء والفلاسفة؛ في سبيل دراسة وتقصِّي مشكلة معينة، وبلوغ النتائج وتفسيرها”، ولقد ظهر المنهج العلمي منذ القدم، ولكن لم يكن في صورته العصرية التي نراها، ويمكن أن نقول إن الهيئة النظرية شبه المتكاملة للمنهج العلمي اتضحت في القرن السابع عشر، وكان ذلك على يد مجموعة من العلماء الذين حدَّثوا من المناهج العلمية القديمة (المنهج الجدلي عند أفلاطون وسقراط، والمنهج التمثيلي عند أرسطو)، وفي طليعة المجددين: فرانسيس بيكون وروجر بيكون في القرن السابع عشر وجون ستيورات ميل في القرن التاسع عشر أصحاب المنهج التجريبي، وأرنست برنهام واضع أسس المنهج التاريخي، وفريدريك لوبلاي المؤصل للمنهج الوصفي، وفيما يلي سنستعرض مبادئ المنهج العلمي.

مفهوم المنهج العلمي وتطوره :

المتتبع للمنهج العلمي يجد آثار القدماء عالقة به، ومن الظلم نسبته بصورة كاملة إلى شخص ما، أو حقبة زمنية معينة،

وعلى الرغم من تأويل البعض كون عصر النهضة الأوروبية هو عصر اكتشاف المناهج العلمية، فإن ذلك ليس بدقيق،

ويمكن أن نقول إن ذلك العصر هو بداية التنظيم ووضع الأُطُر والقواعد المنظمة للمناهج العلمية.

إن النهج العلمي ظهر بصورة واضحة لدى العلماء اليونانين، ولقد استخدم أفلاطون مؤسس المنهج الفرضي ذلك المصطلح قاصدًا به النظر أو البحث أو المعرفة، وسار على الدرب أرسطو،

أما المعنى العصري للمنهج العلمي فيتمثَّل في قواعد وأُطُر عامة تستهدف الوصول إلى المعرفة أو القوانين،

وجاءت المحاولات الأولى على أيدي أستاش سان دي بول، وكذا مولينا تونيث، ولكن ظل ذلك في طور الأوليات،

والمحاولة الواضحة في تلك الفترة تمثلت فيما قام به راموس 1515-1572م،

وتبعهم في مرحلة تالية فرانسيس بيكون المؤسس لمنهج التجريبي في العلوم، وكذا بور رويال، ورينيه ديكارت.

بوجود أكثر من منهج أصبحت هناك حاجة مُلِحَّة لعلم يبحث في جميع الطرق المستخدمة في تتبع الإشكاليات والظواهر العلمية، ومن هنا جاء علم المناهج الميثودولجي (Methodology)، وهي يعني دراسة تجريدية للأسس المنطقية التي تقوم عليها العلوم، وفي مختلف تصنيفاتها،

ويعد كتاب المنطق للعالم ستيورات ميل هو البداية الحقيقية لوضع أُطُر لعلم المناهج أو بمسمى آخر فلسفة العلم، واحتوى ذلك الكتاب على طريقة متنوعة لتقويم المعلومات، وكذا وسائل الإحصاء، وتتضمن طرق أخرى مثل الاستقراء والاستدلال، والعلة، والسبب، وغير ذلك من المفاهيم التي تهم الباحثين العلميين.

المنهج العلمي عند العلماء العرب:

ملامح المنهج العلمي نراها واضحة لدى المسلمين والعرب القدامى، وكثير منهم استهوتة كتابات أرسطو فيما يخص المنطق،

وترجموا عن ذلك كثيرًا من المؤلفات في عصر الدولتين الأموية والعباسية، غير أن طابع المنهج العربي استلهم قوته من الشريعة الإسلامية، والتي تُعد بمثابة الخلفية الأساسية لدى المسلمين،

وقاموا بتعديل كثير من المفاهيم التي شابت الفكر الأرسطي وغيره من علماء اليونان، وكثير منهم كانت له توجهات تجريبية سابقة عصرهم بمئات السنين،

وعلى سبيل المثال شرع علماء المسلمين في تفسير الظاهرة الاجتماعية؛ من خلال الانتقال من الجزء إلى الكل،

وذلك على خلاف مفهوم القياس المستخدم عند علماء اليونان، والذي كان يبدأ من الكل، وينتهي بالجزء.

أنصفت كثير من الدراسات علماء العرب والمسلمين، وأشارت بوضوح إلى استخدامهم مناهج علمية أصيلة، ولم تكن منتجاتهم العلمية والأدبية مشوبة بالعشوائية،

وكثير منهم استخدام أدوات وأجهزة، ومن بين ذلك ابن الهيثم وابن النفيس، وغيرهما.

أوجه أهمية دراسة المناهج العلمية في الكليات والجامعات:

  • تساعد دراسة المناهج العلمية في إظهار جيل جديد مُلِمٍّ بطبيعة البحوث العلمية، والطرق والأدوات والأُسُس التي تقوم عليها، وهي مفاهيم لا غنى عنها، وخاصة لدى الدارسين في مراحل الدراسات العليا،

ومن ثم يساعدهم ذلك على احتيار المشكلة البحثية بطريقة صحيحة، مع التوصل لنتائج موثوق في صحتها.

  • تساهم دراسة مناهج العلوم في تزويد الطلاب المهارات والخبرات التي تساعد في القيام بعملية التحليل، والنقد لما يتم جمعه من مادة علمية، والحكم عليها بطريقة موثوق منها، وبما يساعد في التطبيقات الميدانية.

أنواع المناهج العلمية:

ظهرت كثير من الأنواع لمناهج البحث العلمي، وأيضًا كثير من التصنيفات، وتلك التصنيفات اعتمدت على آراء شخصية تمثل أصحابها،

ويرى قطاع كبير أن المناهج العلمية بمختلف أنماطها تندرج تحت ثلاثة مناهج كُبرى، وسنتناولها فيما يلي:

المنهج التاريخي:

  • تُعد النصوص التاريخية أحد المعارف العلمية، وعلى الرغم من عدم اعتراف البعض بصحة ذلك، فإن الغالبية أشاروا لأهمية المادة التاريخية ومساهمتها في عملية استقصاء الحقائق،

وبناءً على ذلك ظهر المنهج التاريخي على يد كل من فوستيل دوكولانج وأرنست برنهام، وسينببوس، وغيرهم.

  • ويقصد بالمنهج التاريخي استخدام المعلومات والبيانات التاريخية في دراسة مشكلة؛ من خلال خطوات منظمة يتبعها الباحث.

المنهج التجريبي:

  • إن المنهج التجريبي يُعتبر أكثر عقلانية وإقناعًا لبني البشر، وظهر ذلك على يد مجموعة كبيرة من المؤصلين،

وفي مقدمتهم العام فرانسيس بيكون ورينيه ديكارت وجاليليو وروجر بيكون، وبالطبع كان لكل منهم دور في استكمال هيئة ذلك المنهج.

  • ويقصد بالمنهج التجريبي استخدام الباحث للتجريب والملاحظة في دراسة العلاقة بين المتغيرات التي تتضمنها الفرضيات البحثية.

المنهج الوصفي:

  • للظاهرة الإنسانية أو الاجتماعية طبيعة خاصة، ولا يمكن الحكم عليها من خلال طرق القياس الرياضي أو التجريبي،

لذا ظهرت الحاجة لمنهج خاص يساعد في معالجة ذلك النوع من الإشكاليات، وكان ذلك على يد العالم فريديريك لوبلاي،

وطور ذلك المنهج كثير من المجددين، مثل: فرديناند دي سوسور، وغيره.

  • ويقصد بالمنهج الوصفي دراسة ظاهرة ما في الطبيعة، من خلال وصفها، ووضع التساؤلات والفرضيات، ثم الخروج بنتائج، والعمل على تفسيرها بطريقة مُقنعة.
مبادئ المنهج العلمي موقع اعداد رسائل الماجستير والدكتوراه
تحتاج الى مساعدة؟

مبادئ المنهج العلمي:

مبادئ المنهج العلمي الإجرائية:

  • تحديد المشكلة محل الدراسة: من أبرز مبادئ المنهج العلمي الإجرائية اختيار البحث لمشكلة الدراسة،

ويكون ذلك في ضوء التخصص المنوط بالباحث، وفي ظل شروط معينة، ومنها أن تكون مشكلة قابلة للدراسة، وأن تكون متكررة في حيث الحدوث، وأن يتوافر لها مصادر يستقي منها الباحث المعلومات.

  • وضـــــــع الفرضيات العلمية: وذلك المبدأ الإجرائي حيوي في جميع البحوث العلمية،والفرضيات تمثل تخمينًا أو مُقترحات محتملة لحل مشكلة البحث،

وتُصاغ في هيئة علاقة بين متغيرين، وعلى الباحث أن يحدد صحة تلك العلاقة.

  • جمــــع المعلومات حول موضوع البحث: ويوجد نوعان أساسيان من المعلومات في البحوث والرسائل العلمية، فنجد المعلومات غير المباشرة،

ويستقيها الباحث من خلال المصادر والمراجع والمجلات والدوريات العلمية والتقاويم والمخطوطات والمعاجم اللغوية،

أما المعلومات المباشرة فيستقيها الباحث عن طريق اختيار عينة من مجموعة الدراسة.

  • استخلاص النتائج وتفسيرها: يقوم الباحث في ذلك المبدأ من مبادئ المنهج العلمية بوضع النتائج، مع تقديم التفسيرات الواضحة التي تبرر تلك النتائج.

مبادئ المنهج العلمية التقنية:

إن البحث العلمي يلزمه مجموعة من التقنيات أو الأدوات، وذلك من مبادئ المنهج العلمي المحورية،

ومن بينها الاستبيان، والملاحظة، والاختبارات، ووسائل القياس، والمقابلة، مع استخدام الأجهزة العلمية الحديثة التي تتطوَّر وتتحسَّن بمرور الزمن،

وبما يدعم من مهام التجريب التي تلزم الباحثين، وخاصة في الأبحاث المرتبطة بالعلوم الطبيعية.

مبادئ المنهج العلمي الذهنية:

إن إعمال العقل والتفكير بصورة منظمة هو اللاعب الرئيسي أو المبدأ الأساسي من مبادئ المنهج العلمي،

وعلى الرغم من وضع كثير من العلماء أو الفلاسفة لمناهج لا حصر لها، غير أنه على الباحث أن يخرج من الدائرة المغلقة، وينظر نظرة شاملة، ويحاول قدر المستطاع أن يبني الجديد متخذًا قواعد السابقين أساسًا نحو التَّفرُّد.

عن المدونة

مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم

اطلب خدمة 

تواصل معنا الآن لطلب الخدمة التي تبحث عنها من مجموعة خدمات موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة

Subscribe to our newsletter!

More from our blog

See all posts
No Comments