كتاب مفهوم المنهج العلمي

كتاب مفهوم المنهج العلمي

كتاب ” مفهوم المنهج العلمي ” للكاتبة المصرية الدكتورة يمنى طريف الخولي صدر عن الهيئة المصرية للكتاب عام 2015، في هذا الكتاب تحاول د. يمنى (صاحبة كتاب “فلسفة العلم في القرن العشرين”) أن تجمل لنا النظرة التي تطورت المنهج العلمي من جوانب تاريخية وفلسفية وعلمية تساعدنا على فهم أشمل لموضوع المنهج العلمي، فالمنهج العلمي هو نمط من التفكير لا يخص العلماء وحدهم، بل يخص كل بشري يقوم بعمل ما، فيستخدم طريقة ما للوصول لغرضه.

 محتويات مفهوم المنهج العلمي 

تسلسل محتويات الكتاب :

  • يعتبر الكتاب مقدمة لمفهوم المنهج العلمي وتطور هذا المنهج بتطور الحضارة البشرية، فقد ناقشت الكاتبة في البداية أهمية المنهج العلمي باعتباره المنهج الأفضل لمعالجة شتى شؤون الحياة، ليس فقط أمورنا العلمية، وباعتباره منهج نقدي إبداعي، نقدي لكل ما يبنيه هو ذاته، وإبداعي بإضافاته الثورية للبشرية، وبالتالي هو منهج تقدمي يسير في دائرة من الإبداع ونقد هذا الإبداع.
  • تتعرض المؤلفة بعد ذلك للعلم والفن والأسطورة، والمنهج العلمي الذي ميّز العلم عن الخرافة، فحتى لو ثبت خطأ النظرية العلمية، فالمنهج العلمي ملزم بمحاولة التصحيح، بعكس الخرافة التي ربما تتأصّل أكثر وأكثر.
  • بعد ذلك تنتقل الكاتبة لمفهوم المنهج ذاته ودلالته في اللغة العربية واللغات اللاتينية ومفهومه كاصطلاح فلسفي، ثم تربط في الفصل التالي بين مفهوم المنهج ومفهوم العلم وذلك بعد تعريف الكاتبة للعلم الحديث ومعالمه وأدواته.
  • يأتي بعد ذلك الفصل الرابع وهو بداية التعمّق في مفهوم المنهج العلمي، فتتحدث الكاتبة في البداية عن إمكانية شمل كل العلوم بمنهج واحد لمناقشتها، فالمنهج واحد والطرائق مختلفة في إطار هذا المنهج.
  • بناءً على اختلاف تلك الطرائق تقسّم الكاتبة العلوم إلى علوم صورية تقوم على المنهج الاستنباطي وتُعني بالفكر وحقائقه والنشاط فيها نشاط عقلي بحت مثل علوم المنطق والرياضيات، وعلوم إخبارية تجريبية تقوم على المنهج الاستقرائي، والنشاط فيها يمثل تناغم بين العقل والحواس مثل علوم الفيزياء والبيولوجيا.
  • توضّح الكاتبة بعد ذلك الفرق بين المنهج الاستنباطي والمنهج الاستقرائي، وكيف أن العلوم التجريبية اعتمدت المنهج الاستنباطي كمسلك لها بديلاً عن المنهج الاستقرائي الذي واجه مشاكل عديدة.
  • من الفصل السادس إلى الفصل الثامن يتخذ الكتاب منحى جديد ويبدأ بمناقشة تاريخ تطور المنهج العلمي من عصور ما قبل التاريخ إلى عصرنا الحديث، مروراً بالحضارات الشرقية القديمة والحضارة الإسلامية، وتفرد الكاتبة ما يقارب نصف الكتاب الأخير لمناقشة تاريخ تطور مفهوم المنهج العلمي.

رأي الكاتبة في المنهج العلمي :

  • المنهج العلمي يرى أن الفرض يسبق التجربة، ولكن الوصول للفرض نفسه عملية غير قياسية، وليست ذات خطوات محددة معروفة، ربما نسميه إلهاماً أو عبقرية علمية، وتفرّق الكاتبة بين مفهوم المنهج العلمي قديماً وحديثاً في ثلاث مفاهيم، تتدرج من الفلسفة القديمة حتى المفهوم المعمول به حالياً من أواسط القرن التاسع عشر، ويمر بنا الكتاب بشكل سريع بالتراث الإسلامي الفقهي الذي استفاد وأفاد المنهج العلمي من خلال توظيف آليات المنطق الإغريقي.
  • تحاول المؤلفة الإجابة على سؤال مفاده، هل هو منهج واحد لكل العلوم أم هناك مناهج متعددة؟ وتحاول الإجابة عن ذلك عن طريق المقارنة بين العلوم المختلفة، الرياضيات والفيزياء والأحياء والعلوم الاجتماعية والإنسانية وأنماط التفكير الاستنباطية والاستقرائية المرتبطة بها. 
  • لما كان المنهج العلمي متأصّلاً في العقل البشري من بدايات وجوده، فقد لازم بأشكال مختلفة الحضارات التي اهتمت بالعلم، والتي أضافت له واستفادت من استخدامه، فسردت لنا المؤلفة تاريخ المنهج العلمي وتطوره عبر الحضارات، بداية بعصور ما قبل التاريخ، مروراً بالحضارات الشرقية مثل البابلية والآشورية والفرعونية التي اهتمت كثيراً بالتطبيق العملي، ثم الحضارة الإغريقية التي اهتمت بالجانب النظري وأهملت العمل التجريبي اليدوي، ثم الحضارة الإسلامية التي دمجت بين الميزتين، فقد استحدث ابن الهيثم مثلاً التجريب المسترشد بالرياضيات ليصل لنتائجه العظيمة.

النهضة الأوربية والفلسفة الحديثة :

  • بما يخص النهضة الأوروبية، اختصت د. يمنى منها فرانسيس بيكون
    لما له من تأثير كبير في تطور وإعلاء شأن التجريب، وتخليص التفكير من أوهامه الأربعة التي ذكرها في كتابه
    “الأورجانون الجديد”، وحتى سلبيات بيكون ومعارضته لاكتشاف كوبرنيكوس الذي قال بمركزية الشمس قائلاً إنها فرض أهوج، وعدم تقدير اكتشافات نيوتن وكبلر حق تقديرها.
  • تأتي بعد ذلك الفلسفة الحديثة متمثلة في توماس كون الذي لفت الأنظار إلى أن العلم لابد أن يُنظر له في إطار نموذج
    إرشادي شامل لكل الأبعاد المجتمعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع في ذلك الوقت.

المنهج العلمي والفلسفة :

  • تعتبر د. يمنى طريف الخولي أن مفهوم المنهج العلمي يظل في طليعة المفاهيم التي يمثل استيعابها وتوظيفها وعداً حضارياً أكيداً
    بل إنها تصف المنهج العلمي بأنه أنجح آلية امتلكها العقل في مواجهة الواقع، حيث يجسد العلم تجليات هذا المنهج.
  • تؤكّد مؤلفة كتاب “مفهوم المنهج العلمي” أن العلم هو أنجح مشروع يمكن أن ينفذه الإنسان
    وهو في حد ذاته يعني الطريق الواضح، كما أنه يعني تمثيل وتجريد للعقلية العلمية والتفكير
    العلمي لتعبيد الطريق للعلماء في بحوثهم لإنجاز كشوفهم العلمية.
  • أوضحت الكاتبة بين صفحات كتابها أن المنهج العلمي كان هاجساً ملازماً للفلسفة، وأن الفلسفة نفسها كانت في نشأتها مقدمة لظهور بدايات التفكير العلمي ومن ثم التأسيس لهذا المنهج، الذي يعني في جوهره العقلانية التجريبية، كما أنه بالأساس قائم على التفكير النقدي، والتفكير النقدي هو الحرص على اكتشاف الأخطاء لتصويبها، ويجمع في نفس الوقت بين العقلانية التجريبية والعقلانية النقدية، وأنه لا يمكن الوصول للفرض العلمي عن طريق خطوات رياضية أو علمية مجردة، بل أنه حتى في حالة البحث عن فرض علمي فإنه لا يمكن الاستغناء عن الجانب الإبداعي في هذه المسألة
    حيث تعتمد عملية البحث العلمي في جانب منها على إبداع إنساني يأتي من ذكاء القائم بالعملية البحثية
    وتفاعله مع الحصيلة المعرفية التي بحوزته
    وفي نفس الوقت قدرته على ربط الإطار الثقافي العام الذي يعمل به.
  • المنهج العلمي يستحث العزم على السير في طريق الإبداع واستغلال قوى الخيال المنطلق
    ولكنه الإبداع المسئول والخيال الذي يحسب حسابه بشكل دقيق
    ذلك لأن المنهج العلمي يجمع بين العقلانية التجريبية والملكات المعرفية
    مع الروح النقدية التقدمية التي تقوم على أساس من التخطيط والتفكير الملتزم.

 

 حقيقة مفهوم المنهج العلمي

حقيقة مصطلح “منهج” :
  • من شروط المنهج العلمي التي يشير لها الكتاب، أن يقوم الملتزم بهذا المنهج بكافة إجراءات البحث الدؤوب
    مع الأخذ في الاعتبار ما تطلق عليه المؤلفة مبدأي الاحتمالية والنسبوية، فلا شيء مطلق أو يقيني
    كما أنه ليس هناك حقيقة نهائية تتخذ مبرراً لكبح انطلاق العقول والسيطرة عليها وفرض الوصاية على حرية التفكير
    بحيث يكون المجال دائماً مفتوحاً للمحاولة العلمية الجادة والهادفة التي تستهدف التقدم والابتكار والاكتشاف.
  • في مقاربتها حول تعريف المنهج العلمي تحلل الكاتبة الدلالة اللغوية والاشتقاقية للفظة
    “منهج” من حيث الأصول في اللغة العربية وفي اللغات الأوربية
    ثم تنتقل من “المنهج” كلفظ إلى “المنهج” كمصطلح، فتشير إلى أن “المنهج”
    في اللغة العربية هو الطريق الواضح المستقيم الذي يفضي إلى غاية مقصودة بسهولة ويسر
    ويعني “وسيلة محددة توصل إلى غاية معينة”، ونهج نهجاً يعني اتخذ منهاجاً أو طريقاً للوصول إلى غاية.
  • ومن أهم ما أشارت إليه الكاتبة هو أن القرآن الكريم يحفل بألفاظ منهجية
    مثل التعقل والتفكر والتفقه والتبصر والاعتبار والتدبر والنظر والتذكر
    وفي اللغة العربية فإن “المنهج” هو الطريق والطريقة والأسلوب والوتيرة والديدن والسبيل والمسار والشرعة والطبع والناموس
    وبات تعبير “منهج البحث” يفيد عموم الطريقة وتتولد منه الإجراءات والأدوات وتتعلق به المقاصد والقيم الحاكمة.
خاتمة :

الكتاب سهل جداً، وصغير لا يتجاوز 220 صفحة، ولا يتطلب خلفية معرفية كبيرة في هذا الموضوع. و د. يمنى أسلوبها جيد
وتؤكد الكاتبة في المحصلة على أن “المنهج” كمصطلح فلسفي على وجه الخصوص يعني الخروج بالنتائج الفعلية
من الموضوع المطروح للدراسة والطريقة المتبعة في دراسة موضوع ما للتوصل إلى نتائج أو محصلة عامة.
والمنهج في الفلسفة أيضاً هو فن ترتيب الأفكار ترتيباً دقيقاً بحيث يؤدي إلى الكشف عن حقيقة مجهولة والبرهنة على صحة حقيقة معلومة
وعلى هذا فلم يخرج التعريف الفلسفي لمصطلح المنهج عن التعريف المعمول به في غيره من فروع العلوم الإنسانية.

 

عن المدونة

مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم

اطلب خدمة 

تواصل معنا الآن لطلب الخدمة التي تبحث عنها من مجموعة خدمات موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة

Subscribe to our newsletter!

More from our blog

See all posts
No Comments