أنواع مناهج البحث العلمي وإجراءاتها
- مارس 29, 2020
- مناهج البحث العلمي
أنواع مناهج البحث العلمي
مُقدمة:
التعرف على أنواع مناهج البحث العلمي مطلب مهم للباحثين والباحثات؛ ممن يتطلعون إلى تنفيذ بحوثهم أو رسائلهم العلمية على الوجه الأمثل، وبدايةً، وقبل أن نسترسل في تفصيل أنواع مناهج البحث العلمي؛ يجب علينا أن نُشير إلى أن الإنسان الأول كان مفكرًا وباحثًا بما منحه الله من فطرة سلمية.
ونستدل على ذلك بالمشهد القرآني المهيب في قول المولى عزَّ وجل:
بسم الله الرحمن الرحيم: “وعلَّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ** قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ** قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون”
صدق الله العظيم [البقرة:31-33].
والُمُتمعِّن في تلك الآيات يجد أن الله قد علم آدم عليه السلام من لدنه علمًا، وكان مهيئًا لسُكنه الأرض وأعمارها، ولم يكن بنو البشر الأول همجيين أو فقادي النطق واللغة، بل كانوا في كامل الحكمة والتدبر، ومن أصدق من الله قيلًا؟
ما أنواع مناهج البحث العلمي؟
تُعرف المناهج العلمية بأكثر من تعريف، ومن بين ذلك:
- طرق للتفكير يســــــتهدف منها البــــــــــاحث الـــوصول لغايات محددة.
- علوم تهتم بترتيب التفكير العقلي لبلوغ الحقائق ذات البراهين المنطقية.
- أساليب نستهـــــــــدف منها الوصول للمــعرفة المتعلقة بموضوع معين.
أنواع مناهج البحث العلمي:
المنهج التاريخي:
النشأة والتعريف:
- يعُد المنهج التاريخي من أهم أنواع مناهج البحث العلمي،
ويرتبط بالبحوث التي تعتمد على السجلات والوثائق السابق تدوينها فيما مضى،
ويُعرف التاريخ كونه جميع الأحداث الماضية المدونة، ويمتد ذلك ليشمل جميع الأقوال والأفعال البشرية،
ومن هذا المنطلق نجد أن المنهج التاريخي يرتبط مباشرة بعلم التاريخ.
- بداية التقنين للمنهج التاريخي كنظرية في عام 1894م، حيث قام الفيلسوف “أرنست برنهام” بوضع كتاب حول المنهج التاريخي، ولم يُرضِ ذلك الكتاب طموح المُحدثين،
فتبعه العالم “فوستيل دوكولانج” في وضع كتاب يتضمَّن قواعد مبسطة وأكثر تفصيلًا لطبيعة المنهج التاريخي،
وعلى نفس الدرب سار العالمان الفرنسيان “سينبوبوس” و”لانجوا” واللذان أصدرا كتاب “مدخل الدراسات التاريخية” في عام 1898م.
- لا ينبغي أن ننسى أجدادنا المسلمين والعرب في زُمرة ما نسوقه من مؤصلين معاصرين للمنهج التاريخي؛
فكثيرون منهم قد استخدموا أسس المنهج التاريخي فيما تركوه لنا من موروثات،
ومن أبرزهم: عبد الرحمن الفاسي، والسخاوي، وابن خلدون، وجلال الدين السيوطي، والذهبي، والغزالي.
- يُعرف المنهج التاريخي على أنه: (مجموعة من الطرق التي يتبعها الباحثون في الدراسات التاريخية،
مُستهدفين بذلك إعادة بناء الوقائع التي حدثت في الماضي وفقًا لزمانها ومكانها وما أحاط بها من ظروف).
إجراءات المنهج التاريخي:
الهدف من اتباع الباحث للمنهج التاريخي هو التوصل لحقيقة علمية تستند إلى الماضي، وفي إطار من العقلانية،
وتبدأ إجراءات المنهج التاريخي في اختيار الباحث لموضوع أو مشكلة معينة، ويتبع ذلك تحديد المصادر والمراجع التاريخية،
وَمِنْ ثَمَّ القيام بعملية نقد داخلي (التأكد من صحة محتوى المادة العلمية)، ونقد خارجي (التأكد من مصداقية مؤلف المصدر)،
ويتبع ذلك استبعاد المعيب منها وفقًا للمعايير العلمية، وبعد ذلك يقوم الباحث بتركيب المادة العلمية، وعرض النتائج.
المنهج الوصفي:
النشأة والتعريف:
- يُعتبر المنهج الوصفي هو المنهج الأهم والأبرز بين أنواع مناهج البحث العلمي، ولا يمكن أن يستغني عنه باحث؛
فهو البداية الحقيقة لبلوغ المعرفة والعلم، وحتى إذا لما يذكر الباحث استخدامه للمنهج الوصفي، فيبقى عنصرًا منهجيًّا، سواء استخدم بشكل أساسي أو فرعي،
ويمكن أن يُستخدم في جميع أنواع البحوث، سواء التي ترتبط بالعلوم الطبيعية أو الاجتماعية أو الإنسانية.
ظهر المنهج الوصفي بصورته النظرية في بداية القرن التاسع عشر، حيث قام فردريك لوبلاي بإجراء دراسات تتعلق بالأحوال الاقتصادية والاجتماعية لجموع العاملين في فرنسا،
- وتخلى بذلك عن المناهج القديمة التي يصعب استخدامها في تفسير الظواهر الاجتماعية والإنسانية.
- يُعرف المنهج الوصفي بكونه: (طريقة منظمة تنصب على تجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بظاهرة أو قضية محددة وتحدث على فترات معروفة؛
بهدف التوصل لاستنتاجات دقيقة، وتفسيرها بأسلوب موضوعي منطقي).
تصنيفات المنهج الوصفي:
عالج المنهج الوصفي في بداية وضع قواعده الظواهر بشكل ساكن، بمعنى حالة الظاهرة في زمن ومكان معينين،
ووصفه البعض بأنه منهج إستاتيكي ساكن، ومن أجل التخلص من السلبيات، ولجعل ذلك المنهج أكثر مرونة في التعرف على المسببات ودراسة العلاقات بين المتغيرات؛
قام بعض العلماء بوضع أُطُر لمناهج أخرى فرعية، ولقد صنفها العالم (فان دالين) في ثلاث شُعب أساسية، وسنوضحها فيما يلي:
- المــــــــــــنهج الوصفي المسحي: ويستخدم ذلك المنهج بكثرة في البحوث الصحية والتربوية والاجتماعية،
ويتفرع إلى: منهج المسح السوقي، ومنهج دراسات مسح الرأي العام، ومنهج التحليل الوظيفي، ومنهج المسح المدرسي، منهج المسح الاجتماعي.
- مـــــــــــــنهج دراسة العلاقات: لا يكتفي ذلك المنهج بوصف الظاهرة، وتلخيص المعلومات، ولكن يتناول أيضًا العلاقة بين المتغيرات، والقيام بالتفسير،
ويتفرع ذلك المنهج إلي: منهج الدراسة السببية، ومنهج دراسة الحالة الواحدة، والمنهج الوصفي الارتباطي،
ولكل من هذه المناهج طريقته في التطبيق.
- منهج الدراسات الوصفية النمائية: وذلك المنهج يتسم بالديناميكية الزمنية، ويمكن عن طريقة تتبع الظاهرة في أزمنة مختلفة، مخالفًا بذلك المنهج الوصفي التقليدي،
حيث يمكن القيام بالوصف على فترات متفاوتة، وبما يساعد في التعرف على مسببات الحدوث،
ويتفرع من ذلك المنهج منهجان أساسيان من أنواع مناهج البحث العلمي، وهما منهج دراسات النمو (الدراسات العرضية، والدراسات الطولية)، ومنهج دراسات الاتجاه.
إجراءات المنهج الوصفي العام:
يبدأ الباحث رحلته مع المنهج الوصفي بتحديد مشكلة البحث، ويتبع ذلك وصف عام للمشكلة أو الظاهرة،
وَمِنْ ثَمَّ يقوم بوضع تساؤلات البحث في ضوء المعلومات والبيانات الأولية، ويتبع ذلك تحديد عيِّنة للبحث بإحدى الطرق الإحصائية،
ثم اختيار أداة الدراسة المناسبة (استبيان، مقابلة، ملاحظة، اختبارات)، وبعد ذلك يقوم بعملية التحليل للمعلومات والبيانات،
وفي النهاية تأتي مرحلة طرح النتائج وتفسيرها بأسلوب واضح ومنطقي.
المنهج التجريبي:
- التجربة هي أفضل الطرق لبلوغ المعرفة، ويُعتبر المنهج التجريبي من أفضل أنواع مناهج البحث العلمي،
وتتَّسم نتائجه بالدقة البالغة، ويستخدم بشكل أصيل في العلوم الطبيعية، وكذا في العلوم الاجتماعية والإنسانية مع مناهج بحث علمي أخرى.
- تطالعنا كتب علم المناهج بكثير ممن أصَّلوا للمنهج التجريبي،
وفي مقدمتهم كل من: فرانسيس بيكون، وجاليلو، وروجر بيكون، وهدف هؤلاء العلماء التحرر من الفكر اليوناني الذي كان يعتمد على نماذج القياس،
ورأى هؤلاء العلماء أن البحث العلمي لا بد أن يبدأ الشكوك كمقدمات، ويتبع ذلك البحث والتقصي، ثم الوصول لحالة من اليقين.
- يُعرف المنهج التجريبي على أنه طريقة يمكن أن يتبعها الباحث، وتعتمد على الملاحظة والتجريب كأساس،
وَمِنْ ثَمَّ القيام بوضع النتائج وتقييمها في ضوء ذلك.
- هناك أكثر من منهج علمي ينبثق من المنهج التجريبي، ومن بين ذلك المنهج التجربي، والمنهج التجربي التجريبي.
أنواع مناهج البحث العلمي الأخرى:
ما تم ذكره من أنواع مناهج البحث العلمي هي الأكثر شُهرة، وتوجد مناهج بحث علمي أخرى يمكن استخدامها مثل:
- المــــنهج الفلسفي: ويهتم ذلك المنهج بدراسة القضايا المعنوية، مثل: الخير، والشر، والعدل، والحكمة.. إلخ.
- المنـــهج الشرعي: ويستخدم ذلك المنهج في الدراسات المرتبطة بعلوم الشريعة والفقه.
- المنهج الاستدلالي: ويستخدم ذلك المنهج في البحوث المرتبطة بالعلوم القانونية والإدارية.
- المنـــهج الفرضي: وهو أحد أنواع مناهج البحث العلمي القديمة، ووضع إطاره العالم أفلاطون،
ويعتمد على وضع أكثر تفسير للظاهرة، وتتم مناقشة ذلك، واختيار التفسير الأكثر منطقية.
وبعد أن انتهينا من تفاصيل موضوعنا حول (أنواع مناهج البحث العلمي)؛ ندعو الله – عزَّ وجلَّ – أن يُصلح أحوالنا، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.
عن المدونة
مدونة موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة تهدف الى انماء ثقافة الزائر بكل ما يختص بالمجال الاكاديمي و الدراسات العليا و مساعدة الطلاب من مختلف المراحل الدراسية. يشرف على المدونة اكادميين و مختصين بمجال الدراسة الجامعية و التعليم
اطلب خدمة
تواصل معنا الآن لطلب الخدمة التي تبحث عنها من مجموعة خدمات موقع رسائل الماجستير و الدكتوراة