المنهج الوصفي الارتباطي

يُعتبر المنهج الوصفي الارتباطي أحد فروع منهج دراسة العلاقات المُتبادلة، والأخير من بين تصنيفات المنهج الوصفي، والذي يُستخدم بصورة مُوسَّعة في أنواع مختلفة من البحوث العلمية، والوصف العلمي بوجه عام عبارة عن تصوُّر لهيئة شخص أو شيء أو زمان أو مكان (بحالته الطبيعية)، حيث يتم التعبير عن ذلك بصورة مفصلة بهدف الإيضاح، وجاء المنهج الوصفي ليحل مشكلة كبيرة تتمثل في طريقة معالجة المشاكل الاجتماعية، والتي لا تقبل القياس بصورة كمية بحتة، نظرًا لعدم قابلية متغيرات البحث لذلك، وجُلُّ ما يمكن القيام به في تلك الحالة هو ترميز السلوك والخصائص والتوجهات، في محاولة حثيثة من الباحث لبلوغ نتائج تفسر طبيعة الظواهر، وبما يسهم في وضع حلول جدِّية، وسنتناول في مقالنا ما يخص المنهج الوصفي الارتباطي بالتفصيل.

ما تصنيفات المنهج الوصفي في الأبحاث العلمي؟

بدايةً، وقبل أن ننطلق في رحلة تفصيل المنهج الوصفي الارتباطي؛ سنُلقي الضوء على تصنيفات المنهج الوصفي؛

كي تظهر الفروع العامة لذلك المنهج واضحة أمام قُرَّاء موقعنا الكرام، حيث تتمثل تصنيفات المنهج الوصفي في البحث العلمي فيما يلي:

• المنهج الوصفي المسحي: ينقسم المنهج الوصفي المسحي بدوره إلى عدة تقسيمات،

وتتمثل في المنهج التعليمي أو المدرسي، ومنهج دراسة الرأي العام، ومنهج تحليل المضمون،

ومنهج تحليل العمل، ومنهج المسح الاجتماعي، ولكل منها نوعيات مختلفة من البحوث العلمية.

• منهج دراسات العلاقات المتبادلة: وينقسم منهج دراسات العلاقات المتبادلة إلى أنواع مختلفة

مثل: المنهج الوصفي الارتباطي، والمنهج السببي المقارن، ومنهج دراسة الحالة الواحدة،

وبالمثل يستخدم كل منهج في دراسات بحثية تناسبه.

• منهج دراسة التطور والنمو: ويطلق على ذلك المنهج أيضًا اسم المنهج التتبعي،

ويمكن القيام بتتبع نمو ظاهرة معينة من خلال التعامل بشكل طولي، بمعنى أن يختار الباحث على سبيل المثل طفلًا معينًا،

وتتم مراقبة سلوكه على سنوات متتابعة؛ للتَّعرُّف على مشكلة معينة، أو القيام بالدراسة بصورة عرضية؛

بمعنى اختيار أكثر من طفل في الوقت ذاته في سنوات عمرية مختلفة ودراسة خصائص كل منهم فيما يتعلق بموضوع البحث.

تعرف على المنهج الوصفي مميزاته والأدوات المُستخدمة  من هنا 

ما أهمية استخدام المنهج الوصفي الارتباطي؟

• إن المنهج الوصفي بهيئته الأصيلة يتمثل في دراسة موضوع من خلال الوصف الظاهري (الخارجي)،

وبعيدًا عن التطرق للجزئيات أو العناصر التي تمثل المشكلة، لذا ظهرت الحاجة لمنهج علمي يوضح مدى ترابط المتغيرات في البحث من عدمها،

لذا يُعَدُّ المنهج الوصفي الارتباطي متعمق وشارح لمكونات الظواهر بصورة أكبر من المنهج الوصفي.

• هناك جدل حول تبعية المنهج الارتباطي؛ حيث يشير بعض علماء المناهج العلمية مثل: بست، وجالفو، وميلز، ومقراث، وآري، إلى أن المنهج الارتباطي تابع أصيل للمنهج الوصفي، فهو يهتم بالدراسات الاجتماعية السلوكية،

وعلى النقيض من ذلك نجد بعض العلماء مثل: بورق وقول وإيزاك ومايكل يُعدُّون المنهج الارتباطي مستقلًّا عن أي مناهج أخرى،

غير أن الإجماع يصبُّ في توجه إدراج المنهج الوصفي الارتباطي كصنف من تصنيفات البحوث الوصفية.

تعرف على المنهج الوصفي التتبعي ومزاياهمن هنا 

ما الهدف من استخدام المنهج الوصفي الارتباطي؟

• ينصبُّ الهدف الرئيسي من استخدام المنهج الوصفي الارتباطي على تبيان مدى وجود علاقة بين متغيرين بحثيين من عدمها،

وفي حالة وجود علاقة؛ فيتم التَّعرُّف على طبيعة تلك العلاقة سواء أكانت طردية أم عكسية،

فعلى سبيل المثال في حالة اقتراح فرضية تتمثل في: العلاقة بين تطبيق إدارة الجودة الشاملة ومبيعات شركات المحمول في المملكة العربية السعودية، فإن تلك العلاقة يتناولها الباحث بالدراسة،

ويفيد المنهج الوصفي الارتباطي في التَّعرُّف على مدى الترابط بين المتغيرين من خلال الوصول لدرجة أو نسبة الترابط،

وكذا طبيعة العلاقة طردية أو عكسية.

• جدير بالذكر أن استخدام المنهج الوصفي الارتباطي لا يتطرق لمفهوم السبب والنتيجة، بمعنى بسيط لا يهم معرفة المتغير المستقل (السبب)، أو المتغير التابع (النتيجة)، وإنما يقتصر الأمر على وجود العلاقة فقط.

ما الفروق الجوهرية بين المنهج الوصفي الارتباطي والمنهج التجريبي؟

يحدث خلط بين الباحثين في التفرقة بين المنهج الوصفي الارتباطي والمنهج التجريبي:

• المنهج الوصفي الارتباطي: يوضح العلاقة بين متغيرات البحث، ودرجة تلك العلاقة بصورة رقمية،

وذلك من خلال استخدام المعادلات الإحصائية، دون التطرق للمسببات والنتائج.

• المنهج التجريبي: يعتمد المنهج التجريبي على تحديد طبيعة المتغيرات المستقلة والتابعة،

وبما يساهم في التَّعرُّف على علاقة السببية، وبأدلة وبراهين قاطعة، ويمكن من خلال المنهج التجريبي التعديل من بعض المتغيرات، وإجراء التجربة لتبيان الأثر. 

تعرف على المنهج الوصفي الارتباطي من هنا 

نماذج لموضوعات يمكن أن يستخدم فيها المنهج الوصفي الارتباطي:

• العلاقة بين حضور الطلاب للمدرسة، والتحصيل الدراسي.
• العلاقة بين التخطيط الاستراتيجي، واستمرارية المنشآت.
• العلاقة بين الذكاء، وارتفاع معدل الدرجات.
• العلاقة بين العنف ضد المرأة، وظاهرة الطلاق.
• العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة، والتغيب عن العمل.
• العلاقة بين إدمان المخدرات، والاقتصاد القومي.

ما إجراءات المنهج الوصفي الارتباطي؟

تتمثل الإجراءات المتبعة عند تطبيق المنهج الوصفي الارتباطي فيما يلي:

• تحديد موضوع البحث العلمي: وفي ذلك يقوم الباحث بانتقاء مشكلة أو ظاهرة واقعية، ويتكرر حدوثها في الطبيعة.
• اختيار المراجع والدراسات السابقة: يقوم الباحث باختيار مجموعة المراجع من كتب ومجلدات موسوعات ومقالات، وكذلك مؤلفات سابقة تطرقت لنفس مشكلة البحث، وذلك من أجل تجميع البيانات والمعلومات حول الموضوع المثار.
• صياغة فرضيات الدراسة: وفي ذلك يقوم الباحث بتحديد المتغيرات التي يشملها الموضوع ثم صياغة فرضيات بصورة خبرية.
• اختيار عيِّنة البحث: ويكون ذلك بأساليب مختلفة مثل العيِّنة الحصصية، والعيِّنة العمدية، والعيِّنة العشوائية، والعيِّنة تمثل جزءًا من مجتمع الدراسة محل البحث، وقد يكون ذلك مجموعة من الأشخاص أو الشركات…. إلخ.
• اختيار أدوات البحث العلمي: ومن أبرز أدوات البحث العلمي التي يمكن أن يستخدمها الباحث في إجراءات المنهج الوصفي الارتباطي كل من: الاستبيانات، وبطاقات الملاحظة، والمقابلات، والاختبارات السلوكية.
• استخدام مقايسس الارتباط: وتلك الخطوة هي الأبرز من إجراءات استخدام المنهج الوصفي الارتباطي، وهناك أكثر من مقياس إحصائي يمكن أن يتم استخدامهم في التَّعرُّف على العلاقة بين متغيرين، ومن ذلك معامل ارتباط بيرسون، ومعامل ارتباط سبيرمان، وهما الأنسب للتَّعرُّف على العلاقة بين المتغيرات التي تتضمن قيم نوعية (غير العددية).
• استخراج النتائج: بعد أن يتوصل الباحث للعلاقة يقوم بصياغة نتائج البحث، وهي عبارة عن ترجمة لجميع التفاصيل والشروح التي تم تفصيلها في البحث، وفي ضوء ذلك يتم وضع الحلول المتعلقة بالمشكلة.

تعرف على مقارنة بين المنهج الوصفي و التجريبي من هنا 

ما المميزات والعيوب المتعلقة بالمنهج الوصفي الارتباطي؟

مميزات المنهج الوصفي الارتباطي:

• التَّعرُّف على العلاقة بين متغيرين بحثيين، ونسبة هذه العلاقة.
• إمكانية تضمين كثير من المتغيرات البحثية بنفس الدراسة، مع المساعدة في استبعاد المتغيرات غير ذات الصلة بالبحث.
• يُعَدُّ المنهج الوصفي الارتباطي طريقة منهجية واضحة من حيث الخطوات الإجرائية، وبما يساعد على ترتيب الخطوات والتوصل لنتائج.
• يساعد المنهج الوصفي الارتباطي على دراسة العلاقات ذات الطبيعة النوعية السلوكية بكفاءة بالغة.

عيوب المنهج الوصفي الارتباطي:

لا يسهم المنهج الوصفي الارتباطي في التَّعرُّف على السبب والنتيجة؛ غير أن ذلك لا يعني عدم إمكانية التنبؤ بتلك العلاقة،

ومن المفضل استخدام مناهج علمية أخرى بالتزامن مع استخدام المنهج الارتباطي؛ كي يستطيع الباحثون توضيح طبيعة سلوك المتغيرات البحثية بصورة أكثر دقة.

اقرأ أيضاً:

• مناهج البحث العلمي تعريفها، ونشأتها، وأهميتها، وأنواعها
• أنواع المناهج العلمية
• خطوات البحث العلمي بالشرح والتفصيل

• ما هي مراحل إعداد منهجية البحث العلمي؟